هل فِيسْبُوك وغوغل مُذنبتان؟
هل فِيسْبُوك وغوغل مُذنبتان؟
هل كنت تتصفح الفِيسْبُوك أو غُوغل يومًا ما باحثًا عن حقيبة تَودُّ شراءها، ثمّ بك تتفاجأ أنّ جميع إعلانات هاتفك أصبحت عن هذا النَّوع من الحقائب؟ وحينها تساءلت أيمكن أن شركات التّقنيّة العملاقة تتلصّص علينا؟ مع الأسف هذا هو الواقع الذي أصبحنا نُعايشه، وكانت بداية ذلك في عام 2000 عندما أطلقت فِيسْبُوكْ دعايتها التي تستهدف جمهورًا معيّنًا، وقامت غوغل بتطوير ذلك النَّشاط إلى أن تبنت هاتان الشَّركتان نموذج ربط الدَّعايا مع البيانات الفرديَّة، وبدءًا من عام 2018 أصبحت كلّ دعايا فِيسْبُوكْ وغوغل مبنيّة على بيانات المستخدمين، ومنظَّمة من قبل الخوارزميّات، ومن وقتها اقتصر عمل عمالقة الإنترنت على نشر الإعلانات لتحقيق الأرباح الخياليّة، معتمدين في ذلك على زيادة الوقت المقضيّ على الشّاشات، مما نتج عنه أن أصبح الحيّز الإعلانيّ دون رقابة أو حدود، كما أتاح توسُّع أعداد المستخدمين استخراج عدد مهول من البيانات، واستغلالها بدقّة متناهية في مجال الاستهداف الإعلانيّ، وزيادة الخدمات المعروضة من قبل تلك الشّركات الرّقميّة، فأصبحنا بذلك مراقبين ومكشوفين على الدّوام، وتحولت معلوماتنا الشّخصيّة إلى منجم نفط يبلغ من الأسعار أعلاها.
كما خلق عمالقة الإنترنت عن غير قصد سلاحًا فتّاكًا يلتقط كلّ شيء ويستحوذ على كل بيانات النّاس، وهو الخوارزميّات، التي تأخذ تفضيلات الشّخص بالحسبان وتؤثّر في حياته الواقعيّة والنّفسيّة، فعلى سبيل المثال: يقوم الْيُوتيُوب بعمل ترتيب مُسبق يجعل الفيديوهات المناسبة لذوقك تتوالى عليك، لتُبقيك متعلقًا بالشّاشة، وآليّة عمل تلك الخوارزميّات تكمن في سَجن المستخدم داخل فقّاعة معلومات، تُقّدم له رؤيته الخاصّة وشيئًا فشيئًا تبني علاقته بالواقع، فهي تخلق واقعًا يتماشى مع المستخدم بغرض غمره لأطول فترة ممكنة، أي أن حياتنا أمست مجرد امتداد رقميّ للإعلانات المستهدّفة، وأصبحت بياناتنا تُستخدم ضدّنا، وانتهى الأمر بفرط إغراء حواسِّنا وقصفنا بالمثيرات اليوميّة، فصارت حياتُنا قابلة للتّسويق التّجاريّ.
الفكرة من كتاب حضارة السمكة الحمراء.. مقالة حول سوق الانتباه
هل سبق أن جلست مع شخص ما، وفجأة نسِيَ شيئًا كان يَودُّ قوله، ثم قال مازحًا إنه يمتلك ذاكرة سمكة؟! ولكن مهلًا! ما علاقة السَّمكة بذاكرتك؟ هذا ما سنعرفه في كتابنا اليوم، فسمكة الزّينة الحمراء مدى انتباهها هو 8 ثواني لا أكثر ولا أقل، ووسط فوضى التُّكنولوجيا الحديثة أصبح مدى انتباهنا نحن والجيل الحالي لا يتعدّى التسع ثواني، أي أنّنا أصبحنا أسماكًا حمراء سجينة إناء زجاجيّ يملؤه الإنترنت، ومواقع التَّواصل الاجتماعيّ، وخاضع لسيطرة الخوارزميّات، ولتوضيح الأسباب وراء قلّة تركيزنا جاء إلينا هذا الكتاب، فهو بمنزلة إزالة للغمام من على العيون، وكسر للإناء الزُّجاجيّ الّذي يحيطنا، وطريق للتّحرُّر من إدمان الإنترنت، واسترداد للسّيطرة على العقل والوقت والحياة.
مؤلف كتاب حضارة السمكة الحمراء.. مقالة حول سوق الانتباه
برونو باتينو: كاتب وصحفي فرنسي وُلد عام 1965، حصل على دكتوراه في العلوم السياسيّة من جامعة “بَانْثِيونْ سُورْبُونْ” في عام 1998، ودرجة “برنامج الإدارة المتقدِّمة” من “إِنْسِيَادْ” في عام 2004، ويشغل حاليًّا منصب رئيس مجلس إدارة Arte France org chart.
ومن أهمّ أعماله:
La condition numérique.
S’informer, à quoi bon?
Télévisions.
معلومات عن المترجم:
د. مُصْطَفَى حِجَازِي: مفكّر وكاتب لبنانيّ، تخصّص في علم النّفس والسُّلوك النَّفسيّ والصّحّة العقليّة، وحصل على ليسانس علم النّفس من جامعة عين شمس في مصر، ثمّ على الدُّكتوراه في علم النّفس من جامعة “لِيُونْ – فَرَنْسَا”، كما شغل منصب أستاذ علم النَّفس في الجامعة اللُّبنانيّة من 1983 إلى 1990، وأستاذ الصّحّة النّفسيّة والإرشاد النّفسيّ في جامعة البحرين من 1991 إلى 2006.
ومن أبرز أعماله:
الأسرة وصحّتُها النَّفسيّة.
الإنسان المهدور.. دراسة تحليليّة نفسيّة اجتماعيّة.
التَّخلُّف الاجتماعيّ.. مدخل إلى سيكولوجيّة الإنسان المقهور.