هل فكرت في آخرتك؟
هل فكرت في آخرتك؟
قد يبدو ذلك عنوانًا وعظيًّا وهو ما يرمى إليه بالضبط المؤلف في أحد الحلول وهو الدين، فكان يركِّز بشكل أساسي على أن يدعو الآخرين للتفكُّر في أثر الموت وتأثيراته في الحضارات الماضية على نظرة الإنسان إلى الحياة الدنيا بالعموم، فعندما يستهدف ملاك الموت الإنسان، ويسترجع كما يقال “شريط ذكرياته” حينما يرى أنه كان يسعى لكسب إعجاب الناس والظهور بمظهر الأهمية عند آخرين والتضحية باهتماماته ومشاعره الشخصية، ثم يفاجأ بأن من ضحَّى من أجلهم بدؤوا يعدون عدَّتهم لما بعد موته، بل إن منهم من كان سعيدًا بموته لما سيكسبه من استفادة شخصية له، ولكنه ناقش ذلك كما تعتقده الديانة المسيحية، مع التركيز على فكرة التدرج الهرمي، مسهمةً في إعادة تعريف النجاح والفشل من منظور أخلاقي وليس ماديًّا.
تلعب إذن فكرة الموت وتذكُّره في الحياة الدنيا على إعادة ترتيب أولويات الأشخاص مرة أخرى، فبعد أن كان يولي اهتمامًا للمجتمع وقيمه التي يجب أن يلتزم بها هو أيضًا، أخذ يتشكَّك في تلك الأهداف ويراجعها مرة تلو الأخرى للتأكُّد من اتساقها مع نفسه واهتماماته هو الشخصية، وعندما يتوقَّف ذلك الحب المعتمد على ظروف خارجية ليست بيد الإنسان، يبدأ في تلك الحالة من التخلي أو التزهد في الوسائل التي تساعد على زيادة تلك المكانة الزائفة، ويحاول الحفاظ على العلاقات المعتمدة على الذات لا على المكانة التي عليها الذات، ويلعب ذلك الحل على العلاقات الإنسانية الصادقة والتركيز عليها، وعلى حركات الزهد في الدنيا التي تسعى إلى التأمل في آثار من سبقوا والاعتبار من سلطة الزمن على نسيان الأشخاص، ويمكن أن يكون هذا ما دعا البعض إلى التحرُّك لاستكشاف الآثار القديمة، التي ما إن يكتشفوها حتى تسيطر عليهم مشاعر الرهبة من مصيرهم المحتوم، وهو ما يقول عنه المؤلف: “إن تأمُّل قلقنا التافه على المكانة من منظور آلاف السنين قياسًا على لحظتنا هذه يمنحنا لمحة نادرة ومطمئنة حول مقدار ضآلة شأننا”.
الفكرة من كتاب قلق السعي إلى المكانة: الشعور بالرضا والمهانة
يناقش الكتاب أسباب سعي الأفراد نحو مكانة أعلى وما يستتبعه ذلك من ثروات ورفاهة وراحة أكبر، مفترضًا بذلك أنه وهم مأمول لا يساعدك على الصفاء النفسي، وإنما يساعد على زيادة القلق من خسارة المكانة المكتسبة والمتطلَّع إليها، ما يجعل حياة الفرد بلا معنى، كما يناقش الوسائل الممكنة لمحاولة الحد من تلك الآثار السلبية للقلق لينزل بك إلى أرض الواقع مرة أخرى.
مؤلف كتاب قلق السعي إلى المكانة: الشعور بالرضا والمهانة
آلان دو بوتون: فيلسوف وكاتب بريطاني من أصل سويسري، حاصل على درجات جامعية مختلفة في الفلسفة والتاريخ والفن، وله عدد كبير من المؤلفات تصل إلى 15 مؤلَّفًا تتنوَّع ما بين الكتب الفلسفية والمتعلقة بالتاريخ والفنون، ومنها ما هو متعلِّق بأنماط التديُّن والدين، وقد بدأ الكتابة من عام 1997 بكتاب “كيف لبروست أن يغير حياتك”، ومن أشهر كتبه المترجمة إلى العربية كتاب “عزاءات الفلسفة” المنشور عام 2000، وقد ألَّف آخر كتاب عام 2016، وهو كتاب “دورة الحب”.
معلومات عن المترجم
محمد عبد النبي: كاتب ومترجم مصري، وله عدد من الروايات والترجمات التي حصلت على جوائز متعدِّدة، ومن أبرز رواياته “في غرفة العنكبوت”، ومن أبرز ترجماته إضافة إلى هذا الكتاب هو كتاب “كراهية وصداقة وغزل وحب وزواج” لأليس مونرو.