هل غادر الفلسطينيون أرضهم طوعًا؟ وهل كانت نكسة 1967م حربًا فرضت على إسرائيل أم أرادتها وسَعت إليها؟
هل غادر الفلسطينيون أرضهم طوعًا؟ وهل كانت نكسة 1967م حربًا فرضت على إسرائيل أم أرادتها وسَعت إليها؟
عشية حرب 1948م كانت هناك نية مبيتة لتهجير الفلسطينيين، وظلت هذه السياسة جزءًا لا يتجزأ من الفكر الصهيوني للدولة اليهودية، كما أنه لم يكن في مخيلة القيادات الصهيونية تطبيق مشروعهم الاستعماري دون القضاء على الشعب الأصلي، وقد عبّر بن جوريون عن ذلك قائلًا: “مع الترحيل القسري ستكون لدينا مساحة كبيرة للاستيطان، أنا أؤيد الترحيل القسري، ولا أجد فيه شيئًا لا أخلاقيًّا”، وفي العموم فإن الرواية الرسمية الإسرائيلية بشأن مغادرة الفلسطينيين لأرضهم ترتكز على أنهم غادروا أرضهم طوعًا نتيجة طلب القيادات العربية من الفلسطينيين مغادرة أرضهم لإفساح المجال للجيوش العربية الغازية في عام 1948م لطرد اليهود منها، ثم العودة إليها بعد ذلك، ومن ثمَّ فإن الدعوة العربية هي السبب في نزوح الفلسطينيين حسب الزعم الإسرائيلي، لكن الحقيقة تخبرنا أنه لم تكن هناك أية دعوة عربية للفلسطينيين بمغادرة أرضهم قبل اجتياح الجيوش العربية!
ورغم ما حققته إسرائيل في حرب عام 1948م، فإن نخبها السياسية والعسكرية عدّتها في ما بعد فرصة ضائعة، إذ كان في إمكان إسرائيل السيطرة على كامل الأراضي الفلسطينية من البحر إلى النهر، والذي منعها من ذلك هو وجود اتفاق بينها وبين الأردن، إذ اتفق على تواطؤ الأردن خلال الأيام الأخيرة من الانتداب البريطاني من خلال تقليص المشاركة العسكرية للجيش الأردني إبان اجتياح الجيوش العربية لفلسطين، وقد وصف بن جوريون هذا الاتفاق، الذي بموجبه احتفظ الأردن بالضفة الغربية، بأنه القرار الذي ستندم عليه الأجيال المستقبلية، ومنذ تلك اللحظة والنخب السياسية والعسكرية الإسرائيلية تبحث عن فرصة لتصحيح هذا الخطأ، وجاءتهم الفرصة على طبق من ذهب إبان حرب 1967م.
منذ عام 1960م اعتمد الرئيس المصري جمال عبد الناصر على ممارسة سياسة تعرف باسم “حافَة الهاوية الخطيرة”، إذ كان خطابه داعيًا إلى شن حرب ضد إسرائيل، مهددًا بإرسال الجيش المصري إلى شبه جزيرة سيناء المنزوعة السلاح، ومنع السفن من إيلات وإليها، وكرر الأمر نفسه لكن بشكل مغاير في عام 1967م، إذ أرسل قواته بالفعل إلى سيناء، وكانت دوافعه في كلا العامين هي ردع إسرائيل عن مهاجمة سوريا، وكسر الجمود السياسي واللا مبالاة العالمية تجاه القضية الفلسطينية، وكانت إسرائيل قد أعدت خطة جاهزة لحكم الضفة الغربية وغزة عشية نكسة 1967م، وكان عبد الناصر يأمل من خلال سياسة حافَة الهاوية الخطيرة أن يغير الوضع الراهن دون اللجوء إلى الحرب، لكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن، إذ رأت إسرائيل في خطوة عبد الناصر فرصة ذهبية لا يمكن تفويتها، وبالفعل شنت إسرائيل هجومًا مفاجئًا على جيرانها العرب دون أن تترك فرصة لوسطاء السلام، ومن ثمَّ استكملت الصهيونية مهمتها التي بدأت في عام 1948م باحتلال الضفة الغربية وغزة!
الفكرة من كتاب عشر خرافات عن إسرائيل
لفهم أي صراع بين طرفين لا بد من العودة إلى التاريخ للوقوف على فهم حقيقي يتيح فرصة للسلام، وفي موضوعنا تعرض الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لتضليل وتزييف تاريخي متعمد، وقد أدى ذلك إلى اضطهاد الفلسطينيين ودعم وحماية نظام قائم على الاحتلال والاستعمار، يعتمد التزييف والتضليل على الرواية التاريخية الصهيوينة، فالرواية الإسرائيلية الصهيونية تعتمد على عشر خرافات تلقي بظلال من الشك على الحق الأخلاقي الفلسطيني في الأرض، وتأخذ وسائل الإعلام الغربية هذه الخرافات بوصفها مسلَّمات لا تقبل الدحض، ومن ثمَّ يستعرض المؤلف هذه الخرافات ويرد عليها، قاضيًا بذلك على الرواية الصهيونية المزيفة!
مؤلف كتاب عشر خرافات عن إسرائيل
إيلان بابيه: هو مؤرخ إسرائيلي مشهور، ويعمل أستاذًا بكلية العلوم الاجتماعية والدراسات الدولية بجامعة إكسيتر بالمملكة المتحدة، كما أنه مدير المركز الأوربي للدراسات الفلسطينية بالجامعة.
من مؤلفاته:
التطهير العرقي في فلسطين.
فكرة إسرائيل: تاريخ السلطة والمعرفة.
أكبر سجن على الأرض: سردية جديدة لتاريخ الأراضي المُحتلة.
معلومات عن المترجمة:
سارّة عبد الحليم: هي باحثة ومترجمة فلسطينية، حازت شهادة الماجستير في الفلسفة في دراسات الشرق الأوسط الحديث من جامعة أكسفورد ببريطانيا. من ترجماتها:
وسطاء الخداع.