هل ستفهم عندما تصبح أبًا؟
هل ستفهم عندما تصبح أبًا؟
يمتلك والداك دماغين راشدين انتهيا من عملية النمو والنضج، ولذا فهما أفضل في معرفة سلبيات الشيء ومخاطره في الوقت الذي يبدو ذلك لك آمنًا تمامًا، ولهذا يجب عليك دائمًا طاعة والديك، فبفضل دماغيهما الهادئين يكون رأيهما دائمًا صائبًا، ولكن المراهقين يرون الأمر من منظور وكأن هناك ثمة فارق توقيت بين ما يحدث في أدمغتهم وما يحدث في دماغ أبويهم، بل ويرونها متأخِّرة عنهم بسنوات وعقود، فحينما تحاول إقناع أهلك بوجهة نظرك لا يستجيبان، وهذا بسبب أن دماغ الراشدين يكون أحيانًا عنيدًا جدًّا أمام تقبُّل أن الأوضاع تغيَّرت، فهما يظنَّان أن فترة شبابهما كانت العصر الذهبي وأكثر الأزمنة منطقية، وإن حاولت مناقشتهما في أشياء لم يُصيبا فيها سيلجآن إلى العذر القديم ستفهم حينما تكبر، ولكن الأمور لم تكن أفضل حين كان والدك أصغر، لكن دماغيهما جعلا ذكريات هذه الأوقات ورديَّة أكثر مما وقع بالفعل.
وتُعدُّ العواطف جزءًا مهمًّا من الذكريات، فلا يرتِّب عقلك الذكريات حسب فائدة المعلومات، وإنما يسجِّلها بمنح الأولوية لأكثرها إثارة للانتباه أو المشاعر، وكلما طال الزمن قلَّت التفاصيل التي يتذكَّرها العقل، ولكن يظل يتذكَّر أغلب تفاصيل مرحلتي الطفولة والمراهقة، وهذا لأن العقول تعدُّ الذكريات العاطفية أهم الذكريات، بينما تضعف الذكريات العاطفية السيئة بوتيرة أسرع، وبالتالي ما يتذكَّره عقل أغلب الكبار هو الذكريات الأقدم الأكثر سعادة وإيجابية، ونهج التمسُّك بالثوابت هذا يسبِّب الكثير من المشكلات، فالعالم لم يتوقَّف عن الحركة بعدما اكتسب الكبار أغلب معلوماتهم عندما كانوا أطفالًا ومراهقين، بل لقد تقدَّمت الأشياء وظهرت معلومات جديدة، ومن في سن والديك يواجهون صعوبة في تغيير فهمهم، وإن استطعت أنت التحرُّر من ذلك خلال سنوات مراهقتك فقد تحقَّق التغيير الذي ترغب به حينما تكبر، واعلم أن والديك مجرد بشر، فحينما كنت صغيرًا كان والداك بالنسبة إليك سيِّدَي الكون ويعرفان كل شيء، لكنك الآن مراهق وتعرف أنهما بشر بعقول تخطئ وتُصيب، ومن المحتمل أنهما عانيا من والديهما مثلما تعاني أنت الآن، لذا كن لطيفًا معهما.
الفكرة من كتاب لماذا يقودك أبواك للجنون؟ كتاب يجب على جميع المراهقين والآباء قراءته
هل أخبرك أبواك من قبل أن ذوقك في شيء ما سخيف؟ أو جلست تحكي لهما موقفًا أزعجك ووجدتهما يضحكان عليك، وحينها قلت في قرارة نفسك: لماذا يتعسَّر عليهما فهم وجهة نظرك ومشاعرك لهذا الحد؟ وهل تسمع كلمات من قبيل: ألا تضع الهاتف من يديك أبدًا؟ أو هل ستنام طوال اليوم؟ هذه أشياء يسمعها مراهقو اليوم طول الوقت وتُسبِّب لهم الضيق والسأم.
وقد جاء إلينا هذا الكتاب لخلق أرضية تفاهم مشتركة بين المراهقين وآبائهم، فسيقوم بتوضيح مواقف الأبوين، وطريقة تفكيرهما، ووجهة نظرهما، سواء كانت وجهة نظر متأثرة بالخبرة أو السن أو طبيعة الدماغ، وهذا بالتالي قد يساعدك أنت كمراهق على تفهُّم مبرِّرات والديك، ولماذا يختلفان عنك بهذا القدر، وهكذا قد تتمكَّن من تجنُّب النزاعات والمشاكل التي تحدث بينكما قدر الإمكان، وهيا بنا نربط الأحزمة ونستعد للغوص في هذه الرحلة الشيِّقة.
مؤلف كتاب لماذا يقودك أبواك للجنون؟ كتاب يجب على جميع المراهقين والآباء قراءته
دين بِرينت: هو عالم أعصاب، ومؤلف ومدوِّن، ومحاضر في الطب النفسي بجامعة كارديف، قام بتأليف عموده العلمي الساخر “Brain Flapping” في صحيفة الغارديان، والذي استمر من عام 2012 إلى عام 2018، كما حصل على درجة الدكتوراه في علم الأعصاب في دور الحُصين في التعلم التكويني من جامعة كارديف، ويحتفظ حاليًّا بمدوَّنة شبه منتظمة بعنوان “Brain Yapping” على شبكة Cosmic Shambles، وتُعد كتبه من أكثر الكتب مبيعًا.
ومن أبرز مؤلفاته:
المخ الأبله.
المخ السعيد.
Psychological.
معلومات عن المترجم:
عُمر العوضي: مترجم لدى دار عصير الكتب للنشر والتوزيع، قام بترجمة العديد من الأعمال من أبرزها: “هل ستأكل قطتي مُقلتيَّ؟”، و”قوة الـ2.. كيف تقود العلاقات للإبداع”، و”عبور الفجوة.. تسويق وبيع المنتجات الثورية إلى الجمهور العام”، و”إطلاق الإمكانات.. حرِّر قوتك وقوة من حولك”