هل زاد تواصلنا في عصر السوشيال ميديا؟!
هل زاد تواصلنا في عصر السوشيال ميديا؟!
لأول وهلة يمكننا أن نقول إن الناس أصبحوا اليوم أكثر قدرة على التواصل من ذي قبل، فقبل اليوم لم يكن ممكنًا لهذا الجمع الكبير من الناس أن يتبادلوا الاطلاع على الآراء ويتناقشوا بمثل هذه الأريحية، فبضغطة زر واحدة تجالس المئات، بل الآلاف، بل من لا حصر لهم من البشر، ولكـن هل حقًّا تواصلنا أم أن الأمر لا يبتعد عن الشكل والصورة؟
دعونا نفرق في البداية بين الحوار والتحاور، فالحوار يعني التواصل بصورتيه الحسنة والسيئة بلا تمييز، أما التحاور فيعني الصور الإيجابية للتواصل العاقل والحوار المحمود، وهذا ما نفتقده في عالم اليوم، فلقد تواصلنا ولكـن تواصلنا هذا تواصل كارهين أو تواصل مكرهين على ذلك، نتواصل ونحن نلعن ذلك اليوم الذي جعلنا نتواصل.
فالتواصل سلوك قد تأنف منه النفس، لأنه يجبرها على مقاومة الأنانية والاستعلاء المتأصِّلة في طبائع البشر، ولنا في فرعون عبرة حين قال: ﴿مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾، وهذا ما اصطلح على تسميته بعقدة فرعون، تحت العقدة الخبيثة التي تجعل الفرد لا يهتم إلا بنفسه وبرأيه فقط، وهذا نوع من الاستبداد والسطوة والتغلب بغير حق.
فالتحاور يعلِّمنا الاستماع للعقل، واتباع الأفضل حتى لو أتى على غير مرادنا، ولأن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر فلا بدَّ من ربط عملية التحاور بالأسرة والتربية، فإن تربَّى الفرد في بيئته الأصلية على حب الآخرين واحترامهم وسماع رأيهم، فإن ذلك يجعل من هذا الفرد شعلة نشاط تستجيب بالعقل للحق أينما وجد.
الفكرة من كتاب الحِجَاج والمغالطة
خطيب مفوَّه قادر على هزيمة متخصِّص في الطب أو الهندسة أو الفلك، حتى لو كان مدار النقاش في تخصُّص هؤلاء جميعًا، والرد على مغالطات منطقية هنا وهناك، من كذب ودجل ومعلومات خاطئة، فكيف يمكن للإنسان أن يفكر في عالم اليوم، وسط كل هذا الكم المختلف المضطرب المتناقض من البيانات والمعلومات المتناثرة يمينًا ويسارًا؟ كيف يمكن أن تضع قدمك على بداية طريق التعلم والمعرفة، وكيف تتخلَّص من مرحلة الشك، وما سبيلك إلى أول قدم من سلم اليقين، هذا ما يحاول كاتبنا الإجابة عنه في هذا الكتاب.
مؤلف كتاب الحِجَاج والمغالطة
رشيد الراضي: كاتب مغربي، ولد في 20 مايو 1974، ودرس الفلسفة في مدينة أصيلة، ودرس مادة علوم التربية في المركز التربوي الجهوي بمدينة سطات المغربية، يحمل إجازة في الفلسفة من كلية الآداب جامعة الملك محمد الخامس في الرباط، ودبلوم الدراسات العليا في مناهج المنطق.
من أهم كتبه: المظاهر اللغوية للحجاج: مدخل إلى الحجاجيات اللسانية.