هل جزاء الإحسان إلّا الإحسان؟
هل جزاء الإحسان إلّا الإحسان؟
بعد أن أتمّ موسى السقاية توجه إلى شجرة ظليلة واستند إليها جائعًا للراحة والطعام، كان نبيلًا رغم كل شيء؛ ترفع عن طلب مقابل رغم أنه في حاجة وضيق، كان يتاجر مع ربِّه تجارة رابحه فلم ينتظر من أحد جزاءً ولا شكورًا.
ولم يمضِ وقت حتى عادت إليه إحدى الفتاتين تبلغه أن أباها يريد أن يُسديه جزاء السقاية، ولأن ما عند الله خير وأبقى أتاه ثمن لم يطلبه أو يسعَ خلفه، إذ اتضح في ما بعد أن الفتاتين بنات شعيب الذي لم تخفَ عليه مروءة موسى -عليه السلام- فأعطاه المأمن والمأوى والزوجة.
يحكي الشيخ أنس بن سعيد القحطاني أن رجلًا أهلًا للثقة أخبره أنه النبي ﷺ أتاه في منامه لعدد من الليالي يسمي شخصًا يريده أن يبشرّه بالجنة، وبحث الرجل عنه حتى وجده، فسأله: ما بينك وبين ربك؟ فأطلعه على سرّه قائلًا: كان لي صديق تُوُفِّيَ وترك من بعده زوجة وأبناءً، فتعهدت بهم وأصبحت لا آكل طعامًا إلا ذاقوه، ولا رداء يكسوني حتى لبسوه، وكل هذا دون أن يعرف أحد بالأمر، والحقيقة أن الجميع سيعرفونه بحق يوم تبيض وجوه وتسود وجوه.
يُمهد لك العمل الصالح منحدرات الطريق، نقل الناس قصة عن رجل -كانوا يحسبونه منعزلًا- مرض يومًا، فامتدت الأيادي لمساعدته، فتعجب الخلق لهذا لقلة معاملاته، وبعد فترة استرد الله أمانته، فأخذ عمال كانوا يعملون بجوار بيته يذكرون عطاءه معهم الذي لم يكن ينقطع.
الفكرة من كتاب إلى الظل: قوانين للحياة
قصة دعوة نبيّ الله موسى -عليه السلام- من أقرب قصص الأنبياء إلى قلوب العباد، لأنها تلمس زلات المرء وضعف حيلته لولا إرشاد الله ومعيته له.
ومن خلال رحلتنا مع كتابنا نستخلص قيمًا وقوانين تؤوينا إلى الظل حيث تخطّي الهفوات ومعالجتها، فلكل موقف في حياة موسى -عليه السلام- حكمة يرسلها لنا الله على هيئة قصة، فلا نبرحها حتى نبلغ المقصد ونحفظه عن ظهر قلب.
مؤلف كتاب إلى الظل: قوانين للحياة
علي بن جابر الفيفي: حاصل على درجة الماجستير في تخصص الدعوة، يعمل محاضرًا في قسم اللغة والشريعة في كلية البرامج المشتركة بالمحالة، له أبحاث علمية مميزة في هذا المجال.
من أهم أعماله:
الرجل النبيل، لأنك الله، سوار أمي، حلية الوقار.