هل تَعْشق القطط؟

هل تَعْشق القطط؟
القط انتقائي جدًّا في علاقاته، حذر عندما يتعلق الأمر بمشاعره، وهذا ما أكده فيليب راجينو حين قال: “أنت لا تختار القط أبدًا، بل هو من يختارك”، وذلك على خلاف ما يفعله البشر عادة حين يتغافلون عن الإساءات، ويغفرون الزلات، ويسامحون المسيئين إليهم بحجة حرصهم على إنقاذ العلاقة، لا يهدر القط محبته، بل يصون عاطفته لمن يستحق بعد أن يختبر ولاءه وبقاءه وحنانه، ورغم ذلك حين يحب يصدق في حبه، ويغدق المودة بإفراط، ويتبع قلبه ويستسلم لهواه، وينصاع للسعادة، إنه لا يعرف المواربة، إما عدو وإما حبيب، أما الإنسان فيميل إلى مَنطَقَة الأمور وتجاهل حدسه رغم كونه لا يخيب، لذا يضل الطريق ويدفع الثمن غاليًا من طاقته وجهده.

وللقطط قدرة هائلة على جعل مَن أمامها يفعل ما تريد دون أن تطلب منه، من خلال إشعاره بأنه هو من يحتاج إلى هذا وليست هي، فمثلًا حب القطط للمداعبة تنقله إلينا على هيئة حاجة بشرية إلى الاطمئنان والتهدئة.
تعيش القطط مستقلة عاطفيًّا لا تنتظر أن يغدق أحد عليها بالحب، ولا تهتم لرأي أحد فيها، وتفعل ما يحلو لها بغض النظر عن نظرة الآخرين، لأنها ببساطة لا تحتاج إليهم لا ماديًّا ولا حتى معنويًّا، وهذا التصرف هو ذاته مفهوم “الذكاء الاجتماعي”، حيث الموازنة بين الاعتزاز بالنفس ومكانة النفس بالنسبة إلى المجتمع، دون التماهي فيه أو الانحياز عن مساره، فعلى الإنسان أن يتوقف ويعيد ضبط حساباته لكي يعرف مكانه عند الآخرين ومكانهم عنده، ويحدد مدى تفرد شخصيته واستقلال قراراته عنهم.
نحن، والقطط، وكل كائن حي على هذه الأرض يحتاج إلى الحب، يحتاج إلى عناق دافئ ولمسة حانية، وكلما قل مخزونه منه ازداد سعيًا في سبيله، لكن تكمن المشكلة الأساسية لدى البشر في صعوبة طلب الحب والاهتمام عند البعض أو عدم قدرتهم على البوح بخبيئة أنفسهم، أما القطط فهي واضحة محددة مع نفسها قبل الجميع، لا تعاني حرجًا ولا ترددًا في عرضه أو طلبه.
الفكرة من كتاب فكر وتصرف كأنك قط: دليلك للتغلب على ضغوط الحياة
القطط، أقرب السلالات شبهًا إلى هيبة الملوك وطبائعهم، أصحاب الشخصية القوية، عشاق الحرية، مُقدسو الرفاهية، إن كنت مالكًا لقط فلا بد أن سلوكياته أعجبتك وحيرتك في الآنِ نفسه، قد تكون غضبت ذات مرة حين ناديته ولم يجبك، ولا شك أنك ابتسمت معجبًا بمشيته المختالة المتباهية في مرة أخرى، وإن لم تكن فالبتأكيد صادفت قطًّا يتنزه في الشارع، أو آخر يأخذ قيلولة تحت ظل شجرة، ربما تساءلت في نفسك عن طبيعة تفكيره وتكوينه، ربما علمك درسًا دون أن يقصد، وربما قطك هذا يخفي في جوفه عالمًا آخر! ومن خلال مراقبتك لتصرفات القطط، ستغير نظرتك إلى الحياة.
مؤلف كتاب فكر وتصرف كأنك قط: دليلك للتغلب على ضغوط الحياة
ستيفان جارنييه: كاتب وصحفي فرنسي من مواليد ليون عام 1974، شغل عديدًا من الوظائف المختلفة التي لا علاقة لها بالتأليف قبل أن يصبح كاتبًا. من أهم أعماله:
Super radin
How to Live Like Your Cat
How to Live Like the Little Prince: A Grown-Up’s Guide to Rediscovering Imagination, Adventure, and Awe
معلومات عن المترجم:
فالن بولس: مترجم متميز، من أبرز أعماله:
فن التعاسة: ما الذي تعنيه السعادة حقًّا؟