هل تهدِّد الخفافيش حياتنا؟
هل تهدِّد الخفافيش حياتنا؟
في إحدى الحفلات الموسيقية التي أقيمت عام 1982 قامت واحدة من بين الحضور بإلقاء خفاش حقيقي على المسرح، بينما يستعرض المغني البريطاني “أوزي أوزبورن” عملًا فنيًّا، فقد اعتقد (أوزي) أن ما أُلقي تجاهه لُعبة مطاطية مثل سائر ما يلقيه الجمهور عليه؛ فعضَّ رأس الخفاش، وعلى الفور تم نقله للمستشفى كي يخضع لرحلة علاجية طويلة تجنبًا للإصابة بداء الكلب، الذي يمكن أن يسببه الخفاش، فلو نظرنا في تاريخ أمراضنا المعدية؛ السارس وميرس، وإيبولا، وحتى كوفيد-19 وغيره، بل حتى التهاب الكبِد (ج)، لوجدنا أن مصدر كل ذلك من الخفافيش، ولكن إذا دقَّقنا النظر فإن الخفافيش تعيش في كل مكان تقريبًا، فلماذا لا يشكِّل ذلك خطرًا؟ وإن كانت تهدِّد حياتنا إلى هذا الحد فهل لنا أن نتخلَّص منها؟
على الرغم من أن السؤال الأخير يثير حفيظة علماء الحيوانات البرية فإننا لا ندعو إلى ذلك بتاتًا، ففي حقيقة الأمر لا تشكِّل الخفافيش خطرًا مباشرًا على حياتنا، بل تعيش الفيروسات في أجسامها ولا تنتقل إلينا في الغالب إلا عن طريق وسيط، ونحن لا نحمِّل الخفافيش المسؤولية كاملة، فالإنسان في حاجة إلى التعامل معها بطريقة لا تسبِّب له الضرر، ففيروس ميرس مثلًا لم ينتقل إلى الإنسان في السعودية إلا بانتقاله إلى الإبل ومن ثم إلى الإنسان، و”إميل أوامونو” كان الوحيد الذي انتقل إليه الإيبولا في غينيا من الخفافيش على الرغم من أن الصبية الآخرين في قريته كانوا يصطادونها ويأكلونها بعد شيِّها.
الفكرة من كتاب كوفيد-19: الوباء الذي ما كان يجب أن يظهر وكيف نتجَّنب الوباء التالي
قبل شهر واحد من ظهور الفيروس التاجي كوفيد-19 صادف أن قام مركز الأمن الصحي في كلية “جونز هوبكنز بلومبرغ” للصحة العامة بمحاكاة افتراضية للأوبئة بالكمبيوتر كتدريب للمسؤولين، حيث أجريت محاكاة لفيروس تاجي وهمي شبيه لكوفيد-19 أُطلق عليه (Event 201)، وجرى السيناريو على طريقة “ماذا لو حدث ذلك؟” لكشف مدى الاضطراب الذي يمكن أن يخلفه فيروس مُعدٍ سريع الانتشار في المجتمع.
تطرح “ماكنزي” في كتابها تساؤلات عما إذا كنا على علم بالوباء قبل حدوثه حقًّا؟ فإن كان الأمر كذلك فلماذا انتشر؟ وكيف كانت استعداداتنا؟ وماذا كانت استجاباتنا عند حدوثه؟ وما الواجب علينا حيال الأمراض المُعدية في المستقبل؟ وتتناول وباء كوفيد-19 بالبحث والتحليل، موضحة ما الذي يمكن أن يؤول إليه الأمر فيما بعد، وكاشفة حقائق عدة متعلقة به.
مؤلف كتاب كوفيد-19: الوباء الذي ما كان يجب أن يظهر وكيف نتجَّنب الوباء التالي
ديبورا ماكنزي Debora Mackenzie: صحفية وكاتبة، مهتمة بمجال الأمراض المعدية ومراقبة الأسلحة والتعقيد وعلم السياسة الإنسانية والهجرة.
من أعمالها: COVID-19: The Pandemic that Never Should Have Happened and How to Stop the Next