هل تنتظر حتى فقدان نعمة الله عليك؟
هل تنتظر حتى فقدان نعمة الله عليك؟
ها هو اليوم الثالث ينتهي ويحلُّ المساء، وستكرِّر هيلين زيارتها للمسرح لتُنهي اللحظات الأخيرة بشيء ترفيهي، وسيمر الوقت حتى يحل منتصف الليل، لكنه ليس مجرد ليل، بل هو عودة الظلمة الدائمة مرة أخرى، ستحتفظ هيلين بذكريات الأيام الثالثة وهي على علم بكل ما فاتها وقيمته، لكنها ستعود إلى معرفة الأشياء وحمل ذكراها بلمسها.
إننا -نحنُ المُبصرين- لو كنا مكان هيلين كيلر وتمنَّينا ثلاثة أيام نُبصر فيها ربما تختلف خططنا عنها، لكن الأكيد هو أننا لن نُضيع ساعة من هذه الأيام مثلما نفعل الآن، إن الأمر يمتدُّ حتى إلى باقي النعم التي رزقنا الله بها ونسينا استخدامها والامتنان لوجودها لمجرَّد اعتيادنا هذه النعم، لمجرد نسياننا لفكرة زوالها.
وجَّهت الكاتبة كلامًا صادمًا نوعًا ما لا يتمنَّاه أحدٌ لنفسه قائلة إننا لو واجهنا هذا القضاء الذي قدَّره الله لها فبالطبع لن نفعل مثلما نفعل الآن من تضييع لكل تلك اللحظات، من تسويفٍ للامتنان وانشغال بروتين اليوم الذي يُلهينا حتى عن التنعُّم بمناظر حولنا جعلتنا ننسى أنفسنا، وننسى الجمال والنعمة التي أحاطنا الله بها، ثم انتقلت إلى النصح باستغلال نعمة البصر والاستفادة منها كما لو كنا مُهدَّدين بفقدها غدًا، هذا بالإضافة إلى سائر الحواس كالسمع واللمس والتذوُّق، أليست كل هذه النعم تستحقُّ الامتنان وشكر الخالق يوميًّا عليها؟
الفكرة من كتاب لو أبصرت ثلاثة أيام
إننا البشر حين نعتاد هذه الحياة ومرور أيامها ننسى كل تلك النعم التي رُزقنا بها، ويا لضعف الإنسان حين تضيق عليه دنياه بالتفكير في حزنٍ ويأسٍ وأوهامٍ أحاط نفسه بها، لكن كم من نعمٍ وجب علينا أن نقف لحظةً في يومنا ونحن ممتنون لوجودها، فها هي نعمة الأهل والأصدقاء والطبيعة من حولنا والصحة، ولكن ماذا إذا فقدنا نعمة النظر إلى كل ما تم ذكره؟ هل تخيَّلنا أنفسنا للحظة نودِّع نعمة البصر باعتبار أن اليوم هو آخر يوم لها، ماذا كنت ستقرِّر حينها؟
مؤلف كتاب لو أبصرت ثلاثة أيام
هيلين كيلر آدامز: كاتبة ومحاضرة أمريكية، وُلِدَت فاقدة لحواس السمع والبصر والقدرة على الكلام، لكنها حوَّلت إعاقتها إلى جانب إنساني حفر اسمها في التاريخ بعد أن أخذت بيدها معلمتها آن سوليفان لتعليمها حتى حصلت على درجة البكالوريوس بكلية رادكليف بتقدير امتياز، كما حصلت على جائزة نوبل في الآداب لعام 1979م، وقد ألَّفت نحو ثمانية عشر كتابًا، وتُرجِمت إلى خمسين لغة، ومن أشهر مؤلفاتها: “قصة حياتي”، و”العالم الذي أعيش فيه”، و”أضواء في ظلامي”.