هل تنبأ الأدب العالمي بما يحدث الآن؟
هل تنبأ الأدب العالمي بما يحدث الآن؟
عام 1958م حذّر الكاتب الإنجليزي “ألدوس هكْسلِي | Aldous Huxley” أن القرن الحادي والعشرين سيشهد ذروة ممارسات قوًى ضخمة متجردة، ويقصد بها القوى التي تسيطر على التكنولوجيا الحديثة التي رأى أنها تهدد حرية الفرد، وطوال حياته حذَّر من أن التقدم العلمي لن يكون في مصلحة الإنسان ما دام لا يوجد ضمان لعدم استخدامه في السيطرة على العقول.
كتب “هكْسلِي | Huxley” كل ذلك قبل سنين من نشأة مواقع التواصل الاجتماعي، وكان أقصى ما وصلت إليه التكنولوجيا التلفاز، وتأثُّرًا بـ”هكْسلِي | Huxley” كتب الكاتب البريطاني “جُورج أُوروِيل | George Orwell” روايته الأشهر “1984” التي ذكرت أجهزة تلفاز تراقب الناس في بيوتهم، وكان هذا قبل انتشار أجهزة التلفاز.
نتيجة ما سبق، يمكننا القول إن الأدب العالمي توقع ما نعيشه في هذا القرن نتيجة ظهور الإنترنت، لكن ما لم يخطر لهم على بال هو أن الإنسان أصبح يُسلّم نفسه وحياته طواعية للمراقبة، وأصبح الناس ينشرون كل شيء، الخاص والعام.
تقول العبارة المتداولة: “النوم والأكل عورتان فاستروهما”، لكن يبدو أن هذه العبارة لم تصل إلى مسامع مُستخدمي السوشيال ميديا الذين يشكون من تتبع الناس لأخبارهم، ويقضون الساعات لتبادل الكلام والتفاصيل التافهة عن عوراتهم للغرباء عن طيب خاطر.
إذ نشأت فلسفة جديدة تقوم على الاهتمام بكيف يراني الناس لا كيف أرى نفسي، وأصبح البلوك هو أهم سلاح للدفاع عن النفس، ومن دون أن ندرك أصبحنا محظورين من قول رأينا الحقيقي من مواقف البعض ما داموا ذوي سلطة أو جمهور، كما فرضت علينا المنصات قواعد تتحكم فينا، ولا فكاك من تحكماتِها إلا بإرادة فردية عفية قابلة للصمود كما نصحنا “ألدوس هكْسلِي | Aldous Huxley”.
الفكرة من كتاب فلسفة البلوك: ما فعلته بنا السوشيال ميديا
كم مرة تلج إلى حساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي يوميًّا؟ وكم ساعة تقضي عليها؟ هل تجد نفسك تبحث باستمرار عن الإشعارات أو تشعر بالقلق عندما لا يمكنك الوصول إلى هاتفك؟
إذا كان الأمر كذلك، فأنت لست وحدك؛ في العصر الرقمي اليوم أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ولكن ما تأثيرها في نظرتنا إلى أنفسنا وإلى الآخرين؟ وماذا كشفت عنا؟ وكيف تؤثر في صحتنا العقلية وعلاقاتنا؟ هذه هي الأسئلة التي دارت بخلد الكاتب محمد عبد الرحمن، وبدأ يستكشفها عن طريق تأملاته وعمله الصحفي.
وبالنهاية قرر توثيق الأفكار والاتجاهات التي رصدها، في محاولة لتفسير سلوكيات نشطاء هذه المواقع، وتأثيرها في العقول، ويتمنى الكاتب أن يخرج القارئ بالنهاية بمعلومات تؤهله لعيش هذا الزمن وفقًا لقواعده التي يضعها بنفسه، لا التي تُفرض عليه من صانع المنصة.
مؤلف كتاب فلسفة البلوك: ما فعلته بنا السوشيال ميديا
محمد عبد الرحمن: كاتب وصحفي مصري وناقد فني، تخرج في كلية الإعلام بجامعة القاهرة عام 1997، عمل في عدد كبير من الصحف والمجلات المصرية، ويتولى حاليًّا رئاسة تحرير موقع إعلام دوت كوم.
من أعماله:
الكتاب صفر: كواليس وكوابيس الفبركة الصحفية.
مدينة المليار رأي.