هل تغير وسائلُ الإعلام السلوكيات والمعتقدات الراسخة؟
هل تغير وسائلُ الإعلام السلوكيات والمعتقدات الراسخة؟
يظن المُشاهد لوسائل الإعلام أنه يستطيع التغلب على التأثير السلبي للإعلام عندما يُدرك أن ما يشاهده لا يعبِّر عن الحقيقة الكاملة، لكنه في الواقع ينساق وراء الأفكار المنشورة في المادة الإعلامية وبخاصةٍ إذا كان هناك ارتباط شخصي أو نفسي بين المُشاهد والشخصية المعروضة في المادة الإعلامية، كما أن عقله غير الواعي لا يدرك الفرق بين الحقيقة والخيال، لذلك يسهل تأثره بالمادة الإعلامية، وينعكس هذا على سلوكيات العقل الواعي للمشاهد! وتعتمد وسائل الإعلام على تكرار الرسائل والمعلومات بشكل مستمر حتى تترسخ داخل عقل المشاهد فتؤثر في مواقفه وحتى سلوكياته.
وربما تأثر أحد المشاهدين بالإعلام فقام بتقمُّص شخصية الأشرار المهووسين الذين يتابعهم في الأفلام والمسلسلات فيرتكب جرائم في الحقيقة؛ مثل القاتل المتسلسل “زودياك السفاح” الذي تبنى منهج أحد أشرار الكوميكس في إرسال رسائل مشفرة إلى الشرطة بعد ارتكابه الجريمة ليعطيهم أدلة على ذلك، أو مثل الشاب “جيمس هولمز” الذي تقمَّص شخصية شرير مهووس فصبغ شعره باللون الأحمر وتوجَّه إلى قاعة سينما يُعرض فيها فيلم “نهوض فارس الظلام”، وأطلق النار على المشاهدين، ما أدى إلى قتل 12 شخصًا وإصابة سبعين!
وقد بدأت بعض الدول تتنبه للآثار السلبية للإعلام الغربي على شعوبها، لذلك ظهر اتجاهان في آسيا؛ الاتجاه الأول هو ثقافة الأنمي أو المانجا الياباني، وهو كارتون كان يحاول أن يغرس داخل الأطفال بعض القيم المجتمعية كأهمية الصداقة والعائلة والعمل الجماعي، ومع الاختلاف الشاسع بين الأنمي الياباني والإعلام الغربي والتعارض بين محتوياتهما، كان على المشاهدين أن يختاروا أحدهما دونًا عن الآخر؛ فوفقًا لنظرية “الاهتمام الانتقائي” تميل النفس إلى اختيار جانب واحد من المؤثرات المحيطة للتركيز عليه واستبعاد الجوانب الأخرى، ويتم اختيار هذا الجانب بناءً على عامل الإثارة، فالأكثر إثارة هو الذي يحظى باهتمام المشاهدين، أما الاتجاه الثاني فكان الحل الصيني المتمثل في المنع الشامل لأي تعامل مع الحضارة الغربية إلا من خلال الأجهزة الرقابية للدولة والتي تنتقي ما يمكن للشعب الاطلاع عليه وفقًا لرؤية الحكومة الصينية.
الفكرة من كتاب الأشرار
هل شاهدتَ فيلم الجوكر أو فيلم ماليفيسنت أو حتى فيلم كرويللا؟ أصبح أشرار الأمس أبطال اليوم، وأبطال الأمس أشرار اليوم، هذه الظاهرة العكسية أصبحت تتكرَّر في كثير من أفلام السينما، حيث تكون شخصية شريرة هي بطلة الفيلم وتدور الأحداث حول الحياة الصعبة القاسية التي مرت بها الشخصية حتى أمست شريرة؛ فيتعاطف معها المُشاهد أو يقع في حبها في النهاية.
يناقش كتاب “الأشرار” هذه الظاهرة الغريبة من خلال رصد الأفلام التي ظهر فيها الشرير بشكل جذاب ومحبَّب للنفس، ثم يستعرض الأسباب التي تؤدي بنا إلى محاباة الأشرار والتعاطف معهم سواء أثناء مشاهدة الأفلام أو في حياتنا الواقعية، كما يتناول العوامل التاريخية والفلسفية التي هيَّأت العقل الغربي للتطبيع والتصالح مع الأشرار، وأخيرًا يتحدث عن العلاقة بين صناع القرار وتجار الإعلام التي يكون هدفها الأساسي التلاعب بالجماهير وتوجيه الرأي العام في اتجاهات معينة.
مؤلف كتاب الأشرار
عمرو كامل عمر: صيدلي وباحث وكاتب مصري، صدر له العديد من المؤلفات والكتب.
من مؤلفاته: كتاب “حصان طروادة”، وروايتا “1984” و”سينماتوغراف”.
كريم طه: خبير تسويق مصري.
محمد الهمشري: أخصائي أمراض نفسية مصري.