هل تتجول في أثناء النوم؟

هل تتجول في أثناء النوم؟
يُعد التجول في أثناء النوم من الظواهر المصاحبة للنوم، ويُعد دليلًا على انحلال الشخصية، وعلى أن اللا شعور يتحرك، فعلى سبيل المثال، شكت أم من أن ابنتها ذات الأربعة أعوام تستيقظ فجأة، وتبدأ في ضرب الأم، ثُمَّ تعود إلى نومها مرة أخرى، وعندما سُئلت الأم إذا كانت الأم تضرب ابنتها في النهار أم لا، اتضح أنها تضربها، ولأن الابنة شعرت بأن العدوان كان ظلمًا، تولدت لديها رغبة في الانتقام، وتذكرت الموقف في أثناء النوم، فقامت وأخذت تكيل لها الضربات حتى شفت غليلها، ثم عادت إلى رقادها!

كذلك ظن رجل أن ابنه الذي يبلغ من العمر إحدى عشرة سنة أصيب بنوبة من نوبات الجنون، إذ رآه يمشي في الطريق، فناداه ولم يجِب، وعندما ركض وراءه وأمسك به، اكتشف أنه نائم، وعندما طلب النصيحة، اكتشف أن الأب يضرب ابنه، وأن والدة الطفل متوفاة وتزوج الأب غيرها، لذا رُسخت فكرة الهروب في ذهن الطفل، وتحولت إلى سلوك غير واعٍ، أو في هيئة هذا الجولان النومي.
تُعد الأحلام أيضًا من الظواهر المصاحبة للنوم، وقد وضع العلماء نظريات في تفسير الأحلام، إذ توصل فرويد إلى أن الحلم هو تحقيق رغبة لم يستطع صاحبها تحقيقها في اليقظة، فالطفل الصغير يحلم أنه يأكل قطعة من الشوكولاتة لأنه يرغب فيها ولا يستطيع الحصول عليها في صحوه، أما أدلر، تلميذ فرويد، فذهب إلى أن الحلم إعداد انفعالي لحل المشكلات التي تواجه الفرد، بينما رأى يونج، تلميذ فرويد الآخر، أن الحلم صفة تعويضية عن حياة اللا شعور المكبوتة، في مقابل الحياة الشعورية التي نحياها، واللا شعور عند يونج لا يشمل الرغبات وبخاصة الجنسية فقط، بل القيم الأخلاقية والشعور بالجريمة، ومن هنا كانت الأحلام عقابًا أشبه بعذاب الضمير. وهذا هو السبب في أنها تفزعنا، وتوقظنا، فالأحلام التي توقظنا ونتذكرها طوال اليوم هي الكوابيس أو الأحلام المفزعة، لأن مثل هذه الأحلام تصبغ نهارنا كله بصبغة من الكآبة والفزع، وتُعد الكوابيس أحد أسباب الأرق.
الفكرة من كتاب النوم والأرق
النوم فطرة الإنسان، فما له أن يتوهم دوام اليقظة، فهذا من صفات الله -عز وجل- الذي لا شريك له في صفاته، فقد قال الله تعالى: ﴿اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾، فيجب ألا يتطلع الإنسان إلى التسامي إلى مراتب الألوهية، بل عليه أن يقنع بالفطرة التي فطره الله عليها، ولكن الإنسان كلما أمعن في الحضارة ابتدع ألوانًا من الحياة لا تلائم فطرته، فقد أصبح الناس يسهرون طوال الليل، ثم ينامون معظم النهار، وهو عكس ما أمرنا الله به في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا﴾، وهذا أدى إلى ظهور الأمراض المرتبطة بالنوم، منها مرض الأرق الذي يتناوله هذا الكتاب.
مؤلف كتاب النوم والأرق
أحمد فؤاد الأهواني: فيلسوف مصري، وأحد رواد الفلسفة وعلم النفس في العالم العربي، وُلِد في أكتوبر عام 1908م، وحصل على شهادة البكالوريوس في الآداب من جامعة القاهرة عام 1929م، وحصل على شهادة الدكتوراه عام 1942م، كما شغل منصب رئيس قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة عام 1965م، وله مؤلفات عِدَّة، منها:
معاني الفلسفة.
في عالم الفلسفة.
الكندي: فيلسوف العرب.
فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط.