هل بإمكاننا إصلاح كلِّ هذه الفوضى؟
هل بإمكاننا إصلاح كلِّ هذه الفوضى؟
لا يعني الكفاح ضدّ سيطرة اقتصاد الانتباه رفض المجتمع الرّقميّ، بل يعني إعادة موضعة العالم الرّقميّ، وبناء شكل جديد منه يهدف إلى خدمة المستخدمين وليس استغلالهم، ويمكننا اتّباع نهج المحاربة والإصلاح في ذلك، وتكون المحاربة من خلال خوض أربع معارك، أولاها: محاربة الأفكار المغلوطة، التي يعمل عمالقة الإنترنت على تغذيتها مثل “آليّة الضّبط الذّاتيّ” المفتَرضة لتصحيح أيّ اختلال ناتج عن التَّطوُّر الرّقميّ، وثانية المعارك هي: “التَّفاوض”، وذلك من خلال التَّركيز على ما هو جوهريٌّ في المنصّات، والحد من سيطرة الخوارزميّات، والابتعاد عن التّصميم المظلم لواجهات المستخدم التي بإمكانها توليد سُلُوكيّات إدمانيَّة، وثالثة المعارك هي: “التّفكير في الإطار القانونيّ للمنصّات” عن طريق تحديد مسؤوليّة واضحة لمقدمي الخدمات التِّقنيَّة، والبعد عن النَّموذج الأمريكيّ الذي يُفْضي إلى انعدام المسؤوليَّة، ورابعة المعارك وآخرها: “تطوير عروض رقميّة ذات طابع إنسانيّ”، لا تستجيب لاقتصاد الانتباه، ولا تخضع للخوارزميّات أو سوق الانتباه، وقادرة على الإفلات من سيطرة المصالح الخاصّة، مع بناء آليّات تنبيه في حالة الإفراط في استخدام التِّقنيَّة.
ويعتمد نهج الإصلاح على أربع وصفات كذلك، وأولى تلك الوصفات: “اللُّجوء إلى الملاذ”، عن طريق إقامة مناطق خارج التَّغطية لا يصل إليها الإنترنت مثل: المدارس، وأماكن المعرفة، والصلاة، وإيقاف إغراءات الشّبكة عن التَّدخُّل في كلّ أمور حياتِنا، بمنع وجود الهاتف المحمول في الفصول الدِّراسيَّة أو على العشاء، وثانية الوصفات: “الوقاية”، وذلك بأخذ استراحة لعدَّة أيّام من دون اتّصال بالشّبكة، ويمكن للشَّركات تطبيق ذلك من خلال تعطيلها لحسابات المستخدمين ليوم في الأسبوع، بهدف دفعهم لأخذ فترات استراحة، بينما ثالثة الوصفات: “الشَّرح”، وذلك بأن توضِّح الشَّبكات الاجتماعيّة طُرُق الحماية الذَّاتيّة من آثارها الضّارَّة ومن آليّات الإدمان، وآخر الوصفات: “إبطاء الوتيرة”، عن طريق التَّشجيع على نصف ساعة يوميّة من القراءة الإلزاميّة، وهذا سيساعد على استعادة الوقت ولحظات الصَّمت، وإبطاء وتيرة التَّسارعُ الاجتماعيّ المتفشّي.
الفكرة من كتاب حضارة السمكة الحمراء.. مقالة حول سوق الانتباه
هل سبق أن جلست مع شخص ما، وفجأة نسِيَ شيئًا كان يَودُّ قوله، ثم قال مازحًا إنه يمتلك ذاكرة سمكة؟! ولكن مهلًا! ما علاقة السَّمكة بذاكرتك؟ هذا ما سنعرفه في كتابنا اليوم، فسمكة الزّينة الحمراء مدى انتباهها هو 8 ثواني لا أكثر ولا أقل، ووسط فوضى التُّكنولوجيا الحديثة أصبح مدى انتباهنا نحن والجيل الحالي لا يتعدّى التسع ثواني، أي أنّنا أصبحنا أسماكًا حمراء سجينة إناء زجاجيّ يملؤه الإنترنت، ومواقع التَّواصل الاجتماعيّ، وخاضع لسيطرة الخوارزميّات، ولتوضيح الأسباب وراء قلّة تركيزنا جاء إلينا هذا الكتاب، فهو بمنزلة إزالة للغمام من على العيون، وكسر للإناء الزُّجاجيّ الّذي يحيطنا، وطريق للتّحرُّر من إدمان الإنترنت، واسترداد للسّيطرة على العقل والوقت والحياة.
مؤلف كتاب حضارة السمكة الحمراء.. مقالة حول سوق الانتباه
برونو باتينو: كاتب وصحفي فرنسي وُلد عام 1965، حصل على دكتوراه في العلوم السياسيّة من جامعة “بَانْثِيونْ سُورْبُونْ” في عام 1998، ودرجة “برنامج الإدارة المتقدِّمة” من “إِنْسِيَادْ” في عام 2004، ويشغل حاليًّا منصب رئيس مجلس إدارة Arte France org chart.
ومن أهمّ أعماله:
La condition numérique.
S’informer, à quoi bon?
Télévisions.
معلومات عن المترجم:
د. مُصْطَفَى حِجَازِي: مفكّر وكاتب لبنانيّ، تخصّص في علم النّفس والسُّلوك النَّفسيّ والصّحّة العقليّة، وحصل على ليسانس علم النّفس من جامعة عين شمس في مصر، ثمّ على الدُّكتوراه في علم النّفس من جامعة “لِيُونْ – فَرَنْسَا”، كما شغل منصب أستاذ علم النَّفس في الجامعة اللُّبنانيّة من 1983 إلى 1990، وأستاذ الصّحّة النّفسيّة والإرشاد النّفسيّ في جامعة البحرين من 1991 إلى 2006.
ومن أبرز أعماله:
الأسرة وصحّتُها النَّفسيّة.
الإنسان المهدور.. دراسة تحليليّة نفسيّة اجتماعيّة.
التَّخلُّف الاجتماعيّ.. مدخل إلى سيكولوجيّة الإنسان المقهور.