هل المجرمون مختلفون؟
هل المجرمون مختلفون؟
يعدُّ علم النفسِ الشرعي العلمُ الذي يبحث في شخصيات ونفوس المجرمين محاولًا إبداء تصوُّرات محتملة لتحوُّل بعض الأشخاص دون غيرهم إلى مجرمين، هل هي صفات مكتسبة أم وراثية؟ هل المجرمون يمتلكون طباعًا شريرة مضادة للمجتمع، أم هم مثلهم مثل غيرهم لكن حوَّلتهم بعض الصدمات وغيَّرتهم بعض الظروف؟
لقد تنافس العلماء منذ نشأة هذا العلم في تحديد ظروف تكوُّن المجرمين وتفسير سجاياهم حتى يمكن لمنظمات المجتمع المختلفة التصرف حيال ذلك وعلاج مشكلاتهم، فقد ذهب بعض العلماء إلى تفسير السلوك الإجرامي تفسيرًا بيولوجيًّا يتعلق بخلل ما بالهرمونات أو التكونات الجنينية التي أثرت سلبًا في الجنين، أو نتيجة حدوث اضطراب عضوي أو وظيفي بالمخ نتيجة التعرض لحادث أو في أثناء الولادة، ما أدى إلى اضطراب في الشخصية وزيادة التوجهات العدوانية والمؤذية، بل ذهب البعض إلى ما هو أبعد من ذلك مصوِّرين المجرم بجسم معين وصفات شكلية خاصة في الوجه والفكين والأطراف، وقال بعضهم مستندًا إلى نظرة داروينية إن المجرمين أقل تطورًا من الجنس البشري لامتلاكهم سمات جسدية معينة.
وفسر علماء آخرون ذلك التحول الإجرامي بناءً على الأمراض في الشخصية والتغيرات السلوكية العقلية التي تدفع الإنسان دفعًا نحو ارتكاب الجريمة، حيث أشارت الأبحاث إلى أن ثلاثة من كل مائة سجين مصابون بذهان شديد (جنون) أو مصابون بأعراض انفصالية عن الواقع، مثل الهلاوس السمعية والبصرية والضلالات والأوهام، أو الشعور بجنون الاضطهاد والشعور بأن هناك سلطة ما أو قوة تراقبه وتترصَّده وتريد أن تضره، ومن ثم فإن الاضطرابات العقلية تشكل نسبة لا بأس بها من نشأة مجرمين يمثلون خطرًا على أنفسهم قبل الآخرين، كما أشارت الدراسات أن نسبة حدوث العنف بين المصابين بالفصام أكثر من غيرهم، ومن هنا نشأت إشكالية مهمة؛ هي تحديد الفارق بين الجاني المصاب بالاضطرابات العقلية والاضطرابات العقلية المؤدية إلى الجريمة حتى يتم تحديد نوعية العقاب والعلاج المناسبين لكليهما.
ولا شك أن الإدمان والمخدرات والكحوليات من التفسيرات الشائعة جدًّا لصناعة المجرمين وتتعدَّد الأسباب وراء ذلك، فليس كل المدمنين مجرمين لأنهم واقعون تحت التأثير المباشر لمواد الإدمان التي تغير من كيمياء العقل، بل أحيانًا تكون الحاجة إلى أموال لشراء المواد الإدمانية هي الدافع وراء الجريمة، لكن على كلٍّ، لا يمكن أن تكون التفسيرات البيولوجية أو النفسية أو الإدمانية هي التفسيرات الكاملة لارتكاب الجرائم وصناعة المجرمين، بل هناك الكثير والكثير من العوامل التي تتحكم في ذلك وما خفي كان أعظم.
الفكرة من كتاب علم النفس الشرعي
إن علم النفس الشرعي هو العلم الذي يبحث في شخصيات ونفوس المجرمين محاولًا إبداء تصوُّرات محتملة لتحوُّل بعض الأشخاص دون غيرهم إلى مجرمين..
يبين الكاتب الطفرة التي حدثت بتضمين علم النفس وخبراته في المجال الشرعي والقضائي ، وبالأخص داخل المحاكم وأماكن التحقيقات، ويوضح المزايا المكتسبة من علم النفس وما أحدثه في تفسير سلوك المجرمين، وتحليل شخصياتهم بطريقة علاجية ووقائية.
مؤلف كتاب علم النفس الشرعي
ديفيد كانتر David Canter: كاتب وطبيب نفسي، ولد في الخامس من يناير عام ١٩٤٤ وتخرج في جامعة ليفربول، بدأ حياته طبيبًا نفسيًّا معماريًّا يدرس التفاعلات بين الأفراد والمباني، ويقدم الاستشارات عن تصميمات المكاتب والمدارس والسجون.
له كثير من المؤلفات في علم النفس، أهمها:
الظلال الإجرامية.
علم النفس والقانون.
علم نفس التحقيقات.
علم النفس الإجرامي.