هل الحجاب علامة الأسر أم الحرية؟
هل الحجاب علامة الأسر أم الحرية؟
من رحمة ربنا بعباده أنه حين شرع الدين الإسلامي وأُنزل ليُناسب فطرة كل جنس شرع أيضًا حقوقه وواجباته وكيف يتكاملان كلاهما لإعمار الأرض، ومن هذا نشأ مصطلح قوامة الرجل الذي يسعى لخدمة بيته والتكفُّل به ماديًّا ورعايته وحمايته، وهذا شأن من شؤون الحياة للرجل تجاه المرأة، فهي زوجة وأم ترعى وتربي أبناءها وتحفظ زوجها وبيتها خاضعةً لقوامته التي يدَّعون أنها استعباد للمرأة وإهدار لحقوقها الاستقلالية بشخصيتها، ولا ندعي أن بينهما مساواة في العمل، بل لدى كلٍّ منهما مهمة خاصة به، أما مدَّعو حقوق المرأة الوهميون الذين يريدون منها ترك مهمَّتها الأصلية العظيمة لتتمرَّد وتتساوى بالرجل في مكانته فلا يريدون إلا نزع المرأة المسلمة من بيتها، زاعمين أنهم يريدون تحريرها وما هم إلا يريدون بها انحلالًا وانحرافًا أخلاقيًّا، فالمرأة ناقصة من دون الرجل والرجل ناقص من دونها كذلك، فكلاهما يتمِّم الآخر، إذ إن غيرة الرجل فطرية لا تتبدَّل، كما أن حب النساء للزينة كذلك، لكن المرأة المسلمة مأمورة بالحجاب وإخفاء زينتها إلا ما ظهر منها، ولها أن تتزيَّن في بيتها ولزوجها وإذا تُرِك لها باب الزينة مفتوحًا على مصرعيه لانجرفت فيه بأهوائها، وهذا ما يطلبه منها اليوم العالم الحديث؛ أن تخرج إلى العمل وتتساوى بالرجال تختلط بهم دون حياء أو حدود شرعية أخلاقية، خالعة حجابها الساتر لجسدها حتى صار لهن دور لنشر الإسفاف والإغراء عن طريق العُري وإفساد أخلاق المجتمع والأذواق في العمل والتلفاز والمجتمع كَكُل، فصارت المرأة تُطالب بتنحية الرجل من عمله وأخذ مكانه، وتصدر بيانًا بأن الحجاب ما هو إلا قطعة قماش يريدها المجتمع أن ترتديه فحسب لإذلالها ولا أصل شرعي له، ولا يعلم أنه حجاب لها يحفظها من الاستغلال، وأن تكون هدفًا سهلًا لكل رجل.
الفكرة من كتاب المرأة المسلمة.. دراسة نقدية لدعاة تحرير المرأة، وبيان دور المرأة في صلاح المجتمع وفساده
من مساوئ المدنية الحديثة أنها جعلت العمران هو مركز دوران الأمم حولها ومقياس التقدم الحضاري والثقافي حتى اختزلت الدور التأثيري للفرد في المجتمع، مما حوَّل أفراد المجتمع من إنسان منتج مفكر ومتأمل إلى كائن أشبه بالآلة يتعلم ويُعلم ليصل إلى التقدم الحداثي، ومن عيوب هذا التقدم أنه جعل كمالات تقدُّمه في المظاهر الخارجية مع هدم البناء الأساسي للمجتمع وأولى سلبياته كانت على المرأة، فقد استهدفها في فطرتها ووظيفتها الطبيعية وحوَّلها إلى كائن هشٍّ مادي مشوَّه في أفكاره وفطرته.
مؤلف كتاب المرأة المسلمة.. دراسة نقدية لدعاة تحرير المرأة، وبيان دور المرأة في صلاح المجتمع وفساده
محمد فريد وجدي: هو عالمٌ موسوعي، وباحث فلسفي، ومفكر وأديب، وأحد أعلام الفكر العربي في القرن العشرين، وُلِد بالإسكندرية عام ١٨٧٥م لأسرةٍ ذات أصولٍ تركية، أكمل دراسته في المدرسة التوفيقية، وتركها والتحق بعد ذلك بكلية الحقوق، ولكنه سرعان ما هجرها هي الأخرى لأنها لم تُرضِ طموحه الوثَّاب نحو علياء العلم، وقد خاض غمار المُعْتَرَكِ الصحفى؛ فكتب في الأهرام، واللواء، والمؤيد، العديد من المقالات الأدبية والبحوث العلمية، ما دفعه إلى إصدار مجلة علمية أسماها “الحياة”، كما أصدر مجلة “الدستور” التى تنوَّعت صفحاتها بين الأدب والفكر والاجتماع، كما تناولت بحوثًا تختصُّ بالفكر الإسلامي، كما أشرف على تحرير مجلة الأزهر لعدة سنوات، وأصدر كتاب “المرأة المسلمة” ردًّا على أفكار قاسم أمين التي خالفت في بعضها الإسلام، وله مؤلفات عديدة منها: “المدينة والإسلام”، و”من معالم الإسلام”، و”الوجديات”، و”في معترك الفلسفيين”.