هل التكنولوجيا هي الحل؟
هل التكنولوجيا هي الحل؟
تهتم الرأسمالية بالربح فقط حتى لو كان هذا على حساب البيئة، لذلك فإنها تحاول إقناع الرأي العام أن التكنولوجيا هي التي يمكنها تجاوز هذه المشكلة، فالأثرياء متمسِّكون بالخيار التكنولوجي لأن هذا يضمن لهم بقاء الأوضاع الاجتماعية كما هي وهذا مما يصب في مصلحتهم، ولكنَّ كيمف يرى أن الحل يكمن في التنمية المستدامة، وهو مصطلح صاغه الفيلسوف هانز يوناس واستخدمها تقرير الأمم المتحدة المنشور عام 1987، والتنمية المستدامة هي تنمية تلبي احتياجات الأجيال الحاضرة دون أن يؤثر ذلك في قدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتهم.
فالذين يروِّجون للطاقة النووية يرون أن هذه الطاقة ستظل موجودة دائمًا، وأن التكنولوجيا ستجد حلًّا لمسألة النفايات في المستقبل، وبالتالي سيتم تغطية النفقات على المدى الطويل من خلال الأرباح التي تأتي من استخدام المفاعلات النووية وقتها، لكن ماذا لو قرَّرت الأجيال القادمة عدم استخدام الطاقة النووية؟ هذا يعني أن الأجيال القادمة ستضطر إلى تحمُّل أضرار طاقة لا تعود عليهم بأي نفع ولم يستخدموها أصلًا.
لذلك يرى كيمف أن الاعتقاد في أن التكنولوجيا يمكن أن تحلَّ المشاكل البيئية يعني الرغبة في إدامة نمط الحياة الحالي والذي يعتمد على مراكمة السلع الاستهلاكية والربح مع تهميش البيئة، وبالتالي رفض الحل التكنولوجي معناه التخلي عن الفكرة القديمة التي تقنعنا أن التطور التكنولوجي سيتخذ مسارًا مستقلًّا تصاعديًّا طوال الوقت، لذلك ينبغي أن ننتهي من الصنمية التكنولوجية ونبدأ في محاولة تغيير المجتمع في أسسه وعلاقاته ليصبح هدفه الأساسي الوقاية من انهيار المجال الحيوي، ويكون ذلك من خلال تقليل الاستهلاك المادي وتحقيق العدالة الاجتماعية، ولن يتأتَّى تخفيض الاستهلاك المادي الإجمالي إلا من خلال اتباع سياسة تركز على تقليل التفاوت بين الأثرياء والفقراء من خلال تخفيض الثروات المفرطة، ووضع نظام للأسعار يشمل الأثر البيئي للسلع.
الفكرة من كتاب الخروج من الرأسمالية
يحاول هيرفي كيمف في كتابه “الخروج من الرأسمالية” أن يلقي الضوء على الآثار السلبية للرأسمالية، وأهم هذه الآثار: المخاطر البيئية التي أصبحت تهدِّد حياة الإنسان على الأرض، ومن هنا يقوم كيمف باستعراض ملامح الحياة في ظل الرأسمالية، ويركِّز بصفة خاصة على فكرة الفردية التي تعتمد الرأسمالية عليها وتزدهر من خلال تعميقها، كما يقوم كيمف بمناقشة الأسباب التي أسهمت في تدهور البيئة والمجال الحيوي، وبعد ذلك يتحدث كيمف عن أهمية الخروج من الرأسمالية من أجل إنقاذ الكوكب، ويقدِّم تصوُّره عن الحل الذي يعتمد على إعادة بناء المجتمع بحيث لا يكون الاقتصاد حاكمًا، بل مجرد أداة، كما يكون التعاون هو الأساس لا المنافسة.
مؤلف كتاب الخروج من الرأسمالية
هيرفي كيمف: هو صحفي فرنسي مهتم بقضايا البيئة والصراعات الدولية، أسس صحيفة “Repoterre”، كما يعمل مسؤولًا عن قسم البيئة في صحيفة “Le monde” الفرنسية.
من مؤلفاته: كتاب “كيف يدمر الأثرياء الكوكب”، وكتاب “كفى للطغمة ولتحيا الديمقراطية”.
معلومات عن المترجم:
أنور مغيث: أستاذ الفلسفة المعاصرة بكلية الآداب بجامعة حلوان، وله العديد من الدراسات المنشورة في مجالي الفلسفة والفكر العربي المعاصر، ومن الكتب التي ترجمها من الفرنسية إلى العربية: كتاب “نقد الحداثة” لآلان تورين، وكتاب “في علم الكتابة” لجاك دريدا.