هل الإرادة هي سبيل النجاح حقًّا؟!
هل الإرادة هي سبيل النجاح حقًّا؟!
انصبَّت آراء أغلب المفكرين قديمًا على تمجيد الإرادة وتوضيح دورها المهم الذي تلعبه لتحقيق النجاح، وكل شخص يخفق ينسبون ذلك إلى ضعف إرادته، وقلة سعيه، وكل شخص ناجح يصيبه الغرور، ولذا تراه يعزو نجاحه إلى بعد نظره، وشدة سعيه، وقوة إرادته، غير مدرك أن للنجاح عوامل أخرى، وفي الواقع إن الإرادة وحدها لا تكفي لنوال الشيء، بل لربما كانت عقبة في سبيل تحقيق ذلك، ولكل نوع من النجاح نوع من المؤهلات الخاصة، وتلعب القوى النفسية الخارقة دورًا مهمًّا في هذا المجال، فمن أراد شيئًا، وسعى له وهو غير مستعد نفسيًّا، أساء إلى نفسه وإلى أمته.
وقد كشفت لنا بعض الأبحاث الحديثة مؤخرًا عن حقيقة كبرى، وهي أن الإرادة قد تعرقل النجاح، وتم تسمية هذه الحقيقة بقانون كويه، أو قانون الجهد المعكوس، والذي يعني أنه إذا سيطرت فكرة على شخص، بحيث أصبحت متغلغلة في أغوار عقله الباطن، فإن كل الجهود الواعية التي يبذلها ذلك الشخص في مخالفة تلك الفكرة، تؤدي إلى عكس النتيجة التي كان يبتغيها، ويمكن توضيح ذلك على شخص يتعلم ركوب الدراجة لأول مرة، فهو لا يكاد يرى شخصًا حتى يظل يردِّد في نفسه ألا يصطدم به، وإذا به فجأة يفعل عكس ما ترغب به إرادته، ويصطدم بالشخص، ويُعزى ذلك إلى قانون كويه، ولذا كلما كانت إرادة راكب الدراجة في عدم الاصطدام بالمار كبيرة، كان احتمال اصطدامه به أقوى، والإرادة إذا كانت معاكسة للخيال أمست ضارة، ومن الأفضل للشخص أن يحاول التوفيق بين إرادته ومخيلته، عن طريق تجنُّب الدقة، وشدة الإرادة، ويحاول أن يكون غير مكترث لأن العمل المبدع يظهر عندما ينغمر صاحبه فيه ويذوب فيه، ولا يكون له قصد يسعى وراءه، فيصبح أثناء العمل جزءًا منه، وحينها يتسلَّم عقله الباطني زمام الأمر، ويقوده إلى غايته المنشودة من حيث لا يدري.
ونحن لا نريد أن يفهم الشخص أن الإرادة ضارة في كل حين ولكن لها أوقاتها الخاصة التي تحتاج إليها، لأن الإبداع الفكري يحتاج أن يمر في مرحلتين هما: مرحلة التخزين، ومرحلة الاجترار، أي أن كل مبدع أو مفكر يحتاج في بادئ الأمر إلى عمل دائب يجمع فيه المعلومات اللازمة ليخزنها في عقله الباطن، لتختمر وتنضج وهذه مرحلة التخزين، وبعد انتهائه يبدأ مرحلة الاجترار، حيث تجده أخذ يسبح سادرًا في خيالات تشبه أحلام اليقظة، تاركًا عقله الباطن منغمسًا في عمله من الأفكار الإبداعية.
الفكرة من كتاب خوارق اللاشعور (أسرار الشخصية الناجحة)
هل سبق وتساءلت يومًا عن الحظ؟ ولماذا هنالك أشخاص يرون أنفسهم على أنهم سيئو الحظ؟ هذا الكتاب يتحدث عن بعض الأمور الغامضة كالحظ، والعبقرية، والتفوق، والنجاح، كما يوضح أثر الحوافز اللاشعورية، التي تحدث بالعقل الباطن، وقدرتها الكبيرة على إحداث تغييرات جذرية في حياتنا، متناولًا ذلك في ضوء النظريات العلمية الحديثة، فهذا الكتاب بمثابة دراسة اجتماعية قيمة للنفس البشرية، توضح أسرار الشخصية الناجحة، وعوامل الإبداع، وأسباب الفشل، في إطار جديد مختلف.
إن اللاشعور لا يعرف التمييز بين الحق أو الباطل، أو بين الصواب والخطأ، فهذا من شأن العقل الظاهر أن يعرفه، فهو عقل الشك والبحث والتفلسف، أما العقل الباطن هو عقل اليقين والعقيدة، وخوارق اللاشعور لا تدل على صحة العقيدة، بقدر ما تدل على قوتها في النفس.
مؤلف كتاب خوارق اللاشعور (أسرار الشخصية الناجحة)
الدكتور علي الوردي (1913: 1995): وُلد في بغداد في مدينة الكاظمية، عمل بالعديد من الوظائف الجزئية محدودة الدخل حتى تخرج في المدرسة الثانوية ونال المرتبة الأولى، ثم حصل على بعثة للجامعة الأمريكية في بيروت، وأتم دراسة الماجستير والدكتوراه في جامعة تكساس الأمريكية، وعُيِّن مدرسًا لعلم الاجتماع في كلية الآداب في جامعة بغداد، وقام بكتابة العديد من البحوث المهمة، والمقالات، والكتب، كما ظهر تأثره الواضح بابن خلدون في علم الاجتماع، وتُوفي بعد صراع طويل مع مرض السرطان عن عمر يُناهز 81 عامًا.
من أهم مؤلفاته:
وعاظ السلاطين.
مهزلة العقل البشري.
الأحلام بين العلم والعقيدة.