هكذا تتألم النفس!
هكذا تتألم النفس!
شعور الألم العضوي الذي يصيبنا هو إحساس معروف ومفهوم من الناحية التشريحية والفسيولوجية، حيث يبدأ من العضو المصاب فتنقله النهايات العصبية، معروف البداية والنهاية، أما الألم النفسي فلا نستطيع تعقُّبه وتحديد مكان العضو المصاب، فنحن نشعر بالألم الداخلي وكأن ثمة شيئًا يضغط من الداخل وكأن أشياء تضايقنا وتنفجر بداخلنا، نعجز عن وصفه وتحديد أعراضه ومكانه، هكذا تتألم النفس، وقد يؤدي ألمها إلى ألم في الجسد، كما يؤدي ألم الجسد الذي يعجز صاحبه عن احتماله كالألم المزمن إلى الألم النفسي، فالعلاقة متبادلة ولا يمكن الفصل بينهما، فأحدهما يؤدي إلى الآخر ويؤثر فيه إما أن يزيده وإما أن يخففه، ويؤثر الألم الداخلي في الخارجي ويتأثر به، لكن أحدهما أصل والآخر متفرع عنه، فليس هناك ألم بالجسد فقط أو ألم لا معنى له، فالألم يؤثر في النفس كما يؤثر في العضو.
ونحن نشعر بالألم في أجسادنا، و تتأثر به مشاعرنا وأفكارنا أيضًا، فهو ليس مجرد حالة حسية مجردة ينشأ من مثير فتنقله النهايات العصبية إلى مراكز الإحساس، بل هناك تأثير للقلب والعقل في الألم وليستطيع أن يعكس مواقفهما، فعقل الشخص ووجدانه يؤديان دورًا كبيرًا في الإحساس به، فقد يقلِّلان الإحساس بالألم أو يلغيانه، وربما يجعلانه مصحوبًا بالسرور كما في المازوخية والسادية.
فالألم يكتسب معناه ويختلف بحسب طبيعة كل شخص والموقف المؤثر، فما يؤثر فيك ويسبِّب لك الألم قد لا يؤثر في غيرك، وما يبكيك قد يجعل أحدهم يصرخ بهستيرية ويجعل آخر يشعر بألم بسيط، رغم أنه نفس الألم، ولكن تختلف استجابة كل شخص على حسب معناه في نفسه، فعواطفنا مسؤولة عن زيادة أو ضعف كل ألم نشعر به، وأحيانًا قد يكون الألم وهمًا وتجعله العواطف حقيقة فيما يعرف بالتوهُّم المرضي.
الفكرة من كتاب الألم النفسي والعضوي
كثيرًا ما تعترينا الآلام وتغزو أجسادنا بين الحين والآخر، وأحيانًا يكون الألم عضويًّا وأحيانًا أخرى يكون نفسيًّا، وتارةً يصيب الجسد وتارةً يصيب النفس أو يصيبهما معًا، وقد يجلب الألم العضوي للمريض نظيره النفسي، وقد يصحب الألم النفسي بعض الأمراض العضوية، فالعلاقة بين الألم النفسي والألم العضوي علاقة وطيدة متبادلة التأثير والتأثر.
يأخذنا المؤلف في هذا الكتاب في جولة شائقة للتعرُّف على مجاهل النفس البشرية المرتبطة بسيكولوجية الألم وتجربته، فيحلِّل مكوناته وأبعاد ما نشعر به من الآلام، متتبعًا خريطة الألم ومساره منذ البداية حتى العلاج، ويعرفنا على سبل تفاديه وتحويله إلى طاقة إيجابية، وغير ذلك من أسئلة تدور عن الألم العضوي والنفسي يجيب عنها في أسلوبه المميز الذي كتبه بعقل الطبيب وقلب الأديب راعَى فيه السلاسة والوضوح بعيدًا عن مصطلحات علم النفس والطب النفسي المعقَّدة وغير المألوفة لعموم القراء.
مؤلف كتاب الألم النفسي والعضوي
عادل صادق: طبيب مصري من مواليد ١٩٤٣م، تخرج في كلية الطب، وحصل على جائزة الدولة في تبسيط العلوم، رأس تحرير مجلة “الجديد في الطب النفسي”، وله العديد من المؤلفات في تبسيط علم النفس والطب النفسي.
ومن مؤلفاته: “مباريات سيكولوجية”، و”متاعب الزواج”، و”حكايات نفسية”، وتوفي عام ٢٠٠٤م تاركًا أكثر من ٣٠ كتابًا منها أربعة باللغة الإنجليزية.