هجرة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة المنورة
هجرة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة المنورة
هو موسم من أعظم مواسم الإسلام، موسم مليء بالذكريات، والخطباء يتحدَّثون فيه عن أمجاده، وينشد الشعراء مآثره، إنه الحدث الذي لا تُشبهه الحوادث، حدث أكرم ما يكون على التاريخ، وأسمى من مآثر الأمم جميعها، إنها هجرة النبي العدنان من مكة إلى المدينة، في القرن السابع الميلادي، حيث الخطوة الأولى للزحف المجيد لحملة رسول الله على الكفر والظلم والإثم والبغي، زحف بدأ بالهجرة حتى امتدَّ من الهند إلى مراكش، وعبر البحر وصولًا إلى الأندلس، ووصل إلى البلقان، فانتظم أربعة عشر قرنًا من الزمان، ووصل إلى كثير من الأراضي المعمورة، وسيمتدُّ حتى آخر الزمان فيصل حينها إلى كل مكان.
لقد آذت قريش نبي الله محمد (صلى الله عليه وسلم) كثيرًا، ولم تكتفِ قريش بإيذاء النبي (صلى الله عليه وسلم)، بل امتدَّ أذاهم إلى صحابته ومن آمن به (رضوان الله عليهم)، فاحتمل الصحابة المؤمنون كل ضرب وحرق وجوع، ورضوا بالمكاره لعلَّ الله يرضى، فدعاهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى ما هو أشد، فراق الوطن وترك الأهل، فرارًا بدينهم فمشوا إلى الحبشة أول الأمر، فزادت قريش في كفرها وعنادها، ثم هاجر المسلمون مرة أخرى ولكن إلى ديار عربية، أم المدائن وعاصمة العواصم، هاجر كل المسلمون ولم يبقَ من خلفهم إلا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وصاحبه أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) وعلي ابن أبي طالب (رضي الله عنه)، فاتفق زعماء قريش على جريمة شنعاء هي قتل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وتفريق دمه بين القبائل، فخرج (صلى الله عليه وسلم) خفيةً منهم، ولجأ هو وصاحبه إلى الغار، وشعاره ﴿لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾.
الفكرة من كتاب سيد رجال التاريخ محمد
يُعد هذا الكتاب الذي بين أيدينا من كتب الشمائل والسيرة اللطيفة العبارة، صغيرة الحجم، والعامرة بمشاعر الولاء والانتماء إلى نبي الله محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
وقد اعتاد علي الطنطاوي الكتابة والتحدُّث عن الهجرة في أول كل سنة هجرية على مر سنين حياته (رحمه الله)، كما اعتاد الكتابة والحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أيضًا في يوم مولده.
ينقسم الناس أمام معرفة الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى فريقين اثنين، فريق ينتسب إلى الإسلام يقلِّد خصوم الإسلام، ويقرِّر أن محمدًا (صلى الله عليه وسلم) كان عبقريًّا، ويسكت عن جانب الرسالة أو ينكره، وفريق رفعه فوق البشرية، ونسب إليه ما لم يقع، والحقيقة ليست هنا ولا هناك، فالرسول (صلى الله عليه وسلم) كان بشرًا ولكنه بمزاياه كان فوق البشر، وكان يوحى إليه من رب البشر سُبحانه، يقول الله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ﴾.
مؤلف كتاب سيد رجال التاريخ محمد
الشيخ علي الطنطاوي: (23 جمادى الأولى 1327 هـ 12 يونيو 1909م – 18 يونيو عام 1999م الموافق 4 ربيع الأول 1420 هـ) هو فقيه وأديب وقاضٍ سوري، ويُعدُّ من كبار أعلام الدعوة الإسلامية والأدب العربي في القرن العشرين، وعمل منذ شبابه في سلك التعليم الابتدائي والثانوي في سوريا والعراق ولبنان حتى عام 1940، وقد ترك التعليم ودخل سلك القضاء، فأمضى فيه خمسة وعشرين عامًا.
أشهر مؤلفاته: “أعلام التاريخ”، و”حكايات من التاريخ”، و”ذكريات علي الطنطاوي”، و”فتاوى علي الطنطاوي”، و”قصص من الحياة”، و”من حديث النفس”، و”من نفحات الحرم”، والعديد من المؤلفات الأخرى.