هارفي الزوج المحب والطبيب الماهر
هارفي الزوج المحب والطبيب الماهر
“أستطيع تحمل الأمر، أنا سعيد لأنه لم يصبكِ أنتِ أو شهرزاد”، هكذا رد “هارفي | Harvey” على خبر تشخيصه بمرض السرطان في نهاية التسعينيات، وقد بدأت أعراضه بتورم العقد الليمفاوية، وكشفت نتيجة الخزعة عن وجود ورم خبيث. استقبل هارفي -الطبيب الماهر زوج أزرا العزيز- هذا الخبر بروح قوية، مدركًا التحدي الذي ينتظره، باغته الألم وأُصيب بشلل في العصب السابع، مما أدى إلى عدم تناسق وجهه كتذكير قاسٍ بإصابته بالسرطان، كانت رحلة هارفي مع العلاج واعدة في البداية، لكن سرعان ما تدهورت حالته، وعلى الرغم من ذلك فإن هارفي الطبيب لم يتوقف عن العمل، إذ قاد اجتماعات المختبر من منزله محاطًا بعائلته، وتُوُفِّيَ الزوج المحب، الطبيب الماهر هارفي عام ٢٠٠٢م بسبب سرطان الدم المزمن.
جعلت كل هذه الأحداث أزرا تطرح عدة أسئلة، منها: لماذا لم نشخص حالة هارفي إلا بعد انتشار سرطان العقد الليمفاوية في جسده، وحالة عمر قبل تسرب مرضه إلى الدم، وكذلك السيدة ن وكيتي؟ لماذا نطارد الخلية الأخيرة بدلًا من البحث عن الخلية الأولى؟ قادتها هذه الأسئلة إلى إحدى معضلات مرض السرطان، وهي بحثنا عن المرض في كبار السن دون الشباب كأنهم محصنون ضد المرض، وتؤمن أزرا أن حل مشكلة السرطان يكمن في مرحلة ما قبل السرطان، الكشف المبكر هو مفتاح الحل. ألا تهدف أبحاث السرطان إلى مساعدة المرضى؟ إذًا يجب التخلي عن عنادنا وتمسكنا بالطرائق التقليدية، يجب علينا الاعتراف أن السرطان مرض معقد، والحل الأفضل يكمن في تحويل تركيزنا من الخلية الأخيرة إلى الخلية الأولى، وهو ما سيتطلب تطوير تقنيات أفضل للكشف المبكر.
تعد الخزعات السائلة وتحليل تسلسل الحمض النووي لخلايا الجسم من التقنيات اللازمة لمستقبل أفضل في عمليات الكشف المبكر عن السرطان، ومع عصر الذكاء الاصطناعي والقدرة على تخزين البيانات بفاعلية أكبر، يمكن لمستودعات الأنسجة وبيانات المرضى أن تُوجّه في سبيل أبحاث السرطان، مما قد يوفر لنا إجابات عن أسئلة السرطان المحورية، كما يمكن لتقنيات التصوير الحديثة أن تلعب دورًا مهمًّا في عمليات الكشف المبكر غير المكلفة، كما يجب ألا نهمل حقيقة عدم وجود طرائق للكشف المبكر لأكثر السرطانات فتكًا كسرطان المبيض، لذا سيكون علينا في هذا المسعى وضع هذه الأنواع في سلم الأولوية.
الفكرة من كتاب الخلية الأولى: والتكاليف البشرية لمكافحة السرطان حتى النهاية
لم تكتب أزرا هذا الكتاب خلال شبابها لافتقارها إلى الخبرة الحياتية، وعندما حصلت عليها تغيرت تصوراتها، فالمرض المميت الذي تعالجه علّمها إعادة النظر في مسلمات آمنت بها، علّمها الفرق بين عدم الشعور بالألم والشعور بالراحة، وعلى الرغم من أن القضايا العلمية ستكون عنصرًا أساسيًّا في محتوى الكتاب، فإن السبب الحقيقي الذي دفعها إلى كتابته هو مساعدة مرضى السرطان.
وافق المرضى على رواية قصصهم مع أسمائهم وصورهم الشخصية، أما عن دور أزرا في الكتاب فهو يحمل أبعادًا عدة، فهي طبيبة أورام وباحثة وزوجة ثم أرملة، تشكك في توصيات الخبراء واختيارات العائلات وحتى قراراتها الشخصية، وتطرح عدة تساؤلات، منها: هل قراراتنا مبنية على حقائق ثابتة؟ هل تفتقر الدراسات إلى الكفاءة؟ وإن لم نتمكن من توفير حياة أفضل للمرضى، فهل يمكننا ضمان نهاية أفضل؟ فعندما يتعلق الأمر بالمعاناة البشرية تندمج الدوافع العلمية والعاطفية والطبية والشعرية، فدعونا نسمح لأفكار الكتاب أن تكسر جمودنا.
مؤلف كتاب الخلية الأولى: والتكاليف البشرية لمكافحة السرطان حتى النهاية
أزرا رازا: طبيبة أورام وباحثة في مجال سرطان الدم، وهي مديرة مركز متلازمة “خلل التنسج النقوي | MDS” في جامعة كولومبيا، وساعدت أبحاثها في مجال سرطان الدم على الكشف عن عديد من ألغاز السرطان، ولها عدة أبحاث ومؤلفات منشورة، منها:
A Tribute to Ghalib: Twenty-One Ghazals Reinterpreted
ملحوظة: لا توجد ترجمة عربية لهذا الكتاب.