نُظم الإدارة الزراعية
نُظم الإدارة الزراعية
كان البيزنطيون ينظرون إلى الأرض على أنها ملك الدولة، وكان جُل اهتمامهم هو جمع الضرائب من تلك الأرض، وخلال الحكم الإسلامي لمصر كانت حيازة الأراضي في يد أشخاص يعتمد عليهم في استمرار زراعتها ودفع الضرائب التي كانت تؤخَذ إما عينًا أو نقدًا، وكانت نسبة الضرائب المفروضة على كل فلاح يتم تحديدها من قِبل رؤساء ووجهاء القرية، وذلك حسب مساحة الأرض التي تدخل في حيازته، وفي حال عجز أحد الفلاحين عن زراعة أرضه كانت تؤخَذ منه وتُعطى لفلاح آخر يقدر على زراعتها، وبالتالي كان يتم تأجير الأراضي الزراعية وبيعها لمن لديهم القدرة على زراعتها، وظل هذا الأمر كما هو حتى خلال العصر العثماني، حيث كانت تخصَّص الأرض لمن لديهم المقدرة المالية الكافية لزراعتها ودفع الضرائب، وقد اعتمد محمد علي باشا على هذا المبدأ الموروث، فكان ينزع الأرض من العاجزين عن زراعتها وإعطائها للقادرين على زراعتها ودفع ضرائبها.
كان جمع الضرائب خلال الأنظمة المتعاقبة له ثلاث صور: الصورة الأولى (عن طريق موظفين تابعين للإدارة المركزية)، الصورة الثانية (عن طريق الملتزمين الذين قاموا بشراء وظيفة جمع الضرائب)، الصورة الثالثة (عن طريق رجال الجيش في نظام الإقطاع)، وقد كان نظام الملتزمين والإقطاع يحمل في طياته الخطر الدائم، فقد كانوا بمثابة وسطاء بين الفلاحين والدولة، ما زاد من نصيبهم من عوائد الضرائب على حساب خزانة الدولة المركزية، وقد أدى ذلك إلى إضعاف ملكية الدولة للأراضي، وتحول هؤلاء الملتزمون مع الوقت إلى مُلاك لتلك الأراضي دون وجود أي سند قانوني لملكيتهم لها.
الفكرة من كتاب فلاحو الباشا.. الأرض والمجتمع والاقتصاد في الوجه البحري (1740 – 1858)
يعدُّ هذا الكتاب محاولة لقراءة الريف المصري في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر من خلال الحياة الاجتماعية والاقتصادية مستبعدًا النظرة التقليدية التي تجعل تاريخ مصر الحديث يبدأ من أحداث الحملة الفرنسية وتولي محمد علي الحكم، تلك النظرة التي تضع حدًّا فاصلًا بين العصرين العثماني والحديث لمصر، فقد اعتاد الباحثون تقسيم نشأة الريف المصري إلى ما قبل الحملة الفرنسية وتولي محمد علي الحكم وما بعدهما، حيث يرون أن مصر كانت في نوم عميق وقامت صحوتها على يد محمد علي باشا، وبالتالي فإن نظرة الكتاب لا تفصل بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، بل تقرأ تلك المرحلة في سياق زمني متصل بالماضي، وذلك من أجل الوصول إلى إجابة سؤال: هل كانت النهضة والصحوة المصرية لها إرهاصات سابقة على محمد علي أم لا؟ كما يذهب إلى إمكانية فهم التطورات التي حدثت في القرن التاسع عشر من خلال ماضي مصر نفسها.
مؤلف كتاب فلاحو الباشا.. الأرض والمجتمع والاقتصاد في الوجه البحري (1740 – 1858)
كينيث م. كونو Kenneth M. Cuno، هو مؤرخ أمريكي، يعمل أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في جامعة إلينوي الأمريكية، له العديد من الكتب التي تسلِّط الضوء على التاريخ الاجتماعي والاقتصادي للشرق الأوسط.
معلومات عن المترجمة:
سحر توفيق هي مترجمة ومؤلفة وروائية وكاتبة قصة قصيرة، درست اللغة والأدب العربيين، وعملت في تدريس اللغة العربية بمصر والمملكة العربية السعودية.