نيوتن والمناصب
نيوتن والمناصب
في الخامس عشر من يناير (كانون الثاني) عام ألف وستمائة وتسعة وثمانين، اختير نيوتن ليمثل جامعة كامبريدج في البرلمان، وبعد أسبوع صار في لندن، حيث أخذ مكانه في مجلس العموم، واستشعر أهمية هذه الفترة فرتب للحصول على صورة له بريشة فنان مشهور، ورغم عدم مشاركته فإن العام الذي قضاه في لندن غيَّر شخصيته؛ فأصبح له أصدقاء ذوو نفوذ، وأمضى وقتًا بصحبة عدد من زملائه الفلاسفة الطبيعيين.
وسعى نيوتن لشغل منصب رئيس كلية في كامبريدج، ولكن خاب رجاؤه على كثرة معارفه ومحاولاته، وفي سبتمبر (أيلول) عام ألفٍ وستمائة وخمسة وتسعين اختفى نيوتن فجأة وعاد بعد أسبوعين ولم يخبر أحدًا أين كان، وانتشرت الشائعات بأنه ذهب إلى لندن سرًّا، حيث ضمن منصبًا حكوميًّا وهو قيِّم دار السك، أو الرجل الثاني فيها بأجر سخي يقدر بـ500 أو 600 باوند في السنة، وشأن جميع العاملين في دار السك، أدى نيوتن اليمين بالمحافظة على السرية، متعهِّدًا ألا يبوح بكيفية تصنيع العملة الجديدة على أمل حجبها عن المزوِّرين.
ولكن انتشر التزوير بعد ذلك، بحيث صار يتعيَّن أن تبدل كل قطعة نقد إنجليزية متداولة بأخرى حديثة السك، وتطلَّبت هذه المهمة الضخمة عمالًا للسك للعمل في مناوبتين، وفتح فروع سك في مناطق أخرى من البلاد، ونظرًا إلى غياب المشرف أصبح نيوتن رئيس عملية السك بكل جوانبها الفعلية عدا الاسم، ولم يتمتَّع بهذا النجاح حتى سدَّد ضربة لمزوِّر في غاية المكر، ثبت تقريبًا أنه ندٌّ له، فاتصل نيوتن بالقتلة واللصوص والمتسوِّلين، وتعرَّف المخابئ في القرى النائية، وكشف عن الاجتماعات السرية، ووظف عملاء سريين.
ثم انتخب أعضاء الجمعية الملكية نيوتن رئيسًا لجمعيتهم، التي كانت شبه منهارة، فاختار نيوتن لها مبنى آخر، وجعل العلماء يجرون التجارب، ويحضرون الاجتماعات ويقدِّمون المحاضرات، واستحدث لها ميزانية ضخمة بعد أن كانت تعيش حياة الكفاف، ومنحت أسهمًا لشركات في الهند الشرقية وأفريقيا، وسمح للرئيس فقط بالجلوس على رأس الطاولة، وابتدع وضع الرئيس صولجانه جانبه وقت جلوسه على كرسيه، وفي الحالات التي يأخذ فيها نائب الرئيس مكانه، يبقى الصولجان.
الفكرة من كتاب إسحاق نيوتن والثورة العلمية
يعدُّ إسحاق نيوتن من أبرز العلماء مساهمة في الفيزياء والرياضيات عبر العصور وأحد رموز الثورة العلمية، فقد شغل نيوتن منصب رئيس الجمعية الملكية، كما كان عضوًا في البرلمان الإنجليزي، إضافةً إلى توليه رئاسة دار سك العملة الملكية.
في هذا الكتاب يتحدث جيل كريستيانسن عن نشأة نيوتن ودراسته وتجارِبه التي أجراها، ومناط عبقريته وتفوُّقه على غيره وأبحاثه وإنجازاته، والمناصب التي تقلَّدها واحترام العلماء له والمعارك التي خاضها معهم.
مؤلف كتاب إسحاق نيوتن والثورة العلمية
جيل كريستيانسن Gale E. Christianson: أستاذ بارز في كلية الفنون والعلوم، وأستاذ التاريخ في جامعة إنديانا، ورُشِّح مرتين لجائزة بوليتزر عن كتاب “إسحاق نيوتن وعصره”، وكذلك عن كتاب “حياة لورين إيزلي”، وهو مدير تحرير سلسلة أكسفورد لأعلام العلوم.