نواة القصة
نواة القصة
حين يكتب الفنان أو يرسم، فهو لا ينظر إلى الأشياء كما هي، بل يضيف إليها معنى من عنده، أو يستخرجه من الصورة التي أمامه فيضيف عليها حقيقة ذات دلالات، فالرسام إذا رسم لوحة لعاطفة كما شاهدها بالضبط يكون قد هبط بمضمون اللوحة إلى أدنى درجة، وهي التعبير المباشر عما هو موجود، وتقتصر براعة الرسام هنا على دقة النقل لا غير، أما الفنان الأديب فيلتقط المشهد أو الموقف ويمرره عبر مشاعره ثم يعبر عنه في صورة ألفاظ وكلمات يُنتِج بها حقيقة ذات معانٍ ودلالات على الحدث الذي مر عليه الكثيرون غيره دون أن يدركوها.
ذلك المضمون الذي ينتج عن تمرير الموقف بنفس الكاتب هو الرؤية، أي خلاصة التجربة أو الموقف الإنساني، وتعتبر الرؤية جوهر العمل وأهم عنصر فيه، إذ إنها تعبر عن الروح الكامنة والمحركة له، وهي ما يريد الكاتب قوله سواء وعى لتلك الرؤية أم لم يعِ، فالكاتب حين يكتب القصة يضمنها رؤية ما، هي خلاصة لتجربة عاشها أو لمعنى رآه في موقف ما، وكلما زادت ثقافة الكاتب وتجربته زادت سرعته في التقاط ذلك المعنى من المواقف التي تحيط به وإن لم يدركه في البداية، ولكن لا يعني هذا أنه عليك أن تنتظر هبوط المضمون عليك أو اضطرارك انتظاره كي تبدأ بالكتابة، فيمكن لك أن تبدأ قصتك دون أن تعي ما وراءها، ولكن كلما أحكمت البناء سارع المضمون بالظهور، بل يمكن حتى أن يستخرج القراء مضمونًا غير الذي التفت إليه الكاتب.
الفكرة من كتاب فن كتابة القصة
تمتاز القصة القصيرة بصعوبتها مقارنة بباقي الألوان الأدبية كالرواية والمسرحية والقصيدة وغيرها، إذ إنها -على عكسهم- لا تعطي الكاتب الحرية في الوصف والتكرار ورسم الصور والأخيلة، بل تفرض عليه أن تخرج في صورة محكمة مكثفة تخلو من أقل قدر من الإسهاب أو الإطناب في السرد، ومن هنا تأتي أهمية كتاب “فن كتابة القصة”، فيضع الكاتب فؤاد قنديل تعريف القصة وعناصرها وما يفرقها عن باقي الألوان الأدبية والقواعد التي تضبط هذا الفن وتميزه.
مؤلف كتاب فن كتابة القصة
فؤاد قنديل: هو روائي مصري ولد في القاهرة بمصر الجديدة عام 1944م، حاصل على ليسانس الآداب قسم الفلسفة وعلم النفس من جامعة القاهرة، وعمل في شركة مصر للتمثيل والسينما عام 1962م، له ست عشرة رواية، وعشر مجموعات قصصية، وعشر دراسات وتراجم وبعض المؤلفات القصصية للأطفال، من أشهر أعماله: روايتي “رحلة ابن بطوطة” و”روح محبات”.