نماذج من التاريخ
نماذج من التاريخ
إن بعض الأمثلة والنماذج التي لو عُدنا إليها لأدركنا من خلالها أنه ما خابت أمَّة تمسَّكت بالقرآن، فالنموذج الأول هو تجربة أحرار الجزائر مُقابل فرنسا، ولن ينسى التاريخ ما قاله وزير فرنسا لاكوست عن الجزائر، حين قال: “القرآن أقوى من فرنسا” تعبيرًا عن صدمته بعد أن رأى أن جهود فرنسا في تغريب الجزائر قد فشلت بأكملها، وفي فعاليات الاحتفال بمرور مائة عام على احتلال فرنسا للجزائر أعدَّت فرنسا عشر فتيات حزائريات في المدارس الفرنسية لمدة عشر سنوات ليكنَّ صورة للجزائر الفرنسية الجديدة، لكن الفتيات الجزائريات خرجن إلى الحفل بالحجاب الإسلامي تمسكًا بهويتهن، وإعلانًا لانتمائهن إلى الإسلام.
فبعد كل المحاولات الفرنسية لتجتثَّ القرآن من قلوب الجزائر، ظل القرآن يملأ قلوب المسلمين بالإيمان والأمل في نصر الله والإصرار على المقاومة والتحرير، فالعروبة والإسلام هي الماضي المجيد والمستقبل المُشرق، والتغريب والاستغراب لا تعني سوى الخضوع للاستبداد.
والنموذج الثاني هو خيام جيش صلاح الدين الأيوبي، فكان صلاح الدين ليلة المعركة يتفقَّد جيشه فيسمع أصوات جنوده يقرؤون القرآن استعدادًا للمعركة، حتى مر بإحدى الخيام فوجد الجنود يتحدثون ويسمرون فأشار إلى الخيمة وقال: “من هنا تأتي الهزيمة”.
فقد كان صلاح الدين يدرك أن القرآن هو مصدر قوة المسلمين، وأن قراءته تملأ النفوس والقلوب بالقوة والصلابة النفسية، فالمقاتل لا يُقاتل بسيفه فقط، بل يُقاتل بقلبه، والقلب هو الذي يُحفِّز الساعد، ويمد الجسد بالصلابة، فشعور المقاتل بأنه يدافع عن عقيدة ويمثل رسالة للبشرية، يزيد من قوة القلب، فقتاله ليس مجرد البحث عن الغنيمة أو تحقيق مكسب مادي، فكثرة العدد والعدَّة قد تؤدِّي إلى الغرور وهو سبب في هزيمة الكثير من الأمم والحضارات، كما أن الغرور يقلِّل القدرة على الإبداع، والمقاتل يحتاج إلى قدراته الإبداعية في القتال، والقلب الذي تتمكَّن منه العقيدة هو الذي يُحفِّز المقاتل للإبداع، وابتكار أساليب جديدة.
الفكرة من كتاب القرآن مصدر قوَّة الأمة
تتصارع الأمم لتكون هي القوَّة الأولى في العالم، فتوظف الأمَّة كل القوى لتحقيق ذلك المطلب، ولكن بين كُل القوى التي توظفها، هناك قوَّة مركزية حقيقية غائبة عن الأمم، ولا توجد إلا في الأمَّة الإسلامية، وهي القوة التي يبنيها القرآن الكريم على نحو مُميَّز في نفوس المؤمنين العاملين بالقرآن، فالقرآن مصدر القوَّة للأمة وهو الذي سيوحدها مرة أخرى، ويعيد إليها وظيفتها الحضارية ودورها العالمي، وفي هذا الكتاب تمهيد لهذه المرحلة عن طريق تصحيح المفاهيم وإعادة ضبط البوصلة.
مؤلف كتاب القرآن مصدر قوَّة الأمة
سليمان سالم صالح، مصري الجنسية، وُلد سنة 1959 في محافظة شمال سيناء، أستاذ الصحافة والإعلام الدولي بكلية الإعلام جامعة القاهرة، حصل على درجة الدكتوراه في الإعلام، وشغل منصب أستاذ الاتصال الجماهيري بجامعة قطر قسم الإعلام والمعلومات، ثم جامعة الشارقة كلية الاتصال، وحصل على جائزة أفضل بحث علمي عن التلفزيون التعليمي وآفاق المستقبل من جامعة قطر سنة 2006.
من مؤلفاته:
نظريات القيادة
وسائل الإعلام والرأي العام.
وسائل الإعلام وإدارة الصراع العالمي.
الأسس العلمية لإعداد قادة المستقبل.