نكسة 1967م وما بعدها
نكسة 1967م وما بعدها
لم يكتف اليهود بما تم سلبه بعد عام 1948م، فاتجهوا بشراهة نحو باقي أراضي الفلسطينيين بعد هزيمة 1967م، ففي الضفة الغربية تم الاستيلاء على معسكرات الجيش الأردني، وصودرت 33% من مساحة الضفة، وبُنيت نحو 160 مستعمرة. وفي قطاع غزة بلغت الأراضي المسلوبة 40% من مساحة القطاع يسكنها 3800 مستوطن، وذلك حتى عام 1993م فقط. أما في القدس فصودر 630 عقار وهدم 135، وطرد 6000 فلسطيني من أراضيهم، خلال شهر واحد من احتلال المدينة. وبذلك وضعت إسرائيل يدها على 26% من مساحة البلدة القديمة.
ومجددًا، استُخدمت المؤامرات الخبيثة التي يبرع فيها اليهود تحت غطاء قانوني، فقد أصدرت الحكومة قرار 23 أغسطس 1967م الذي يمكن كل يهودي كان يملك عقارًا من اعتباره ملكًا له ولورثته، ومنعت ذلك عن العرب. كما استولت على أراضي الأوقاف، ومنها ما بنُي عليها مبنى السفارة الأمريكية، وكانت تتم عمليات بيع الأراضي عن طريق وسطاء تستعملهم الحكومة لتغطية الصفقات، لكيلا يعلم البائع أن أرضه ستؤول إلى اليهود.
ومن الخدع أيضًا ادعاء اليهود القيام بتجارب علمية، فيضعوا المعدات وينصبوا الخيام لعدة أيام، حتى يتم طرد الفلسطينيين بالقوة العسكرية، وكان بعضهم يستغل حالات الوفاة، ليحصل على توقيع أهل المتوفى بدعوى استخراج شهادة وفاة، وفي الحقيقة تكون الوثائق عقود بيع! ومنهم من يوقع ببصمات المتوفى نفسه قبل دفنه! وكانت معظم الاعتراضات التي يقدمها الملاك العرب تقابل بالرفض، لأن من يرأس لجنة الاعتراض إسرائيلي.
وعمليات التزوير تلك لم تخف على أحد ولم ينكرها اليهود أنفسهم، فتقول أليغرا باشيكو (المحامية اليهودية): “إن الوثائق المزورة وعمليات الغش أمر عادي في صفقات بيع الأراضي إلى المستوطنين اليهود” ويقول ميرون بنفينستي نائب رئيس بلدية القدس: “استخدمت إسرائيل تعريفات مختلفة لتحديد معنى “الأرض تحت السيطرة الإسرائيلية المباشرة” مثل: “وضع اليد” و”المصادرة” و”أراضي دولة” و”مناطق مغلقة” و”أملاك غائبين”.
الفكرة من كتاب فلسطين وأكذوبة بيع الأرض
من المؤسف أن يقال عن الشعب الذي استمسك بأرضه حتى آخر رمق إنه باعها طواعية واستمتع بثمنها، ومن المؤسف أيضًا أن تسمى القضية “قضية فلسطين” لمحاولة إظهارها حربًا سياسية. أكاذيب عدة تفنن الاحتلال في ترويجها لوأد كل سبل التعاطف مع شعب فلسطين، باعتباره شعبًا معتديًا من البداية، فانتشرت شائعات من نوع “فلسطين أرض بلا شعب”، “الفلسطينيون خرجوا منها طوعًا”، “الحق التاريخي والطبيعي لليهود في فلسطين”، لتنشأ الضرورة للتدليل على حجة العرب ودعواهم كما يقول المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي .
ولا شك أن خطر تلك الكذبات ليس في تصديق العالم وتوقفه عن مساندة القضية فقط، بل في خروج أجيال جديدة من أبناء الشعب المحتل تشربوا تلك المزاعم، ليس على أنها مزاعم بل على أنها حقائق مسلم بها، ليجلسوا على طاولة المفاوضات يطالبون بحل الدولتين!
هذا الكتاب الذي نُشر في 2004م، يصور الطرق الشائنة التي سقطت بها فلسطين، منذ كانت ولاية عثمانية حتى سقوطها في قبضة الاحتلال البريطاني الذي سلمها لشتات اليهود على طبق من فضة ليقيموا دولتهم، وأخيرًا سياسة الاحتلال التعسفية التي ما زال يمارسها إلى يومنا هذا من أجل السيطرة على باقي الأرض، ويقدم كذلك أدلة قوية على مزاعمه، ليس على ألسنة العرب ولا حتى المسلمين، بل على ألسنة الصهاينة أنفسهم الذين نشؤوا وتربوا في الأراضي المحتلة.
مؤلف كتاب فلسطين وأكذوبة بيع الأرض
عيسى القدومي: باحث وكاتب صحفي فلسطيني. حاصل على الدكتوراه في التاريخ والفكر الإسلامي عام 2012م. عضو جمعية الصحفيين الكويتية ورئيس تحرير مجلة بيت المقدس. له كتابات في الصراع العربي الصهيوني، والدراسات المتعلقة بالقدس والمسجد الأقصى.
ومن مؤلفاته:
مصطلحات يهودية احذروها.
المسجد الأقصى حقائق لا بد أن تعرف.
المسجد الأقصى الحقيقة والتاريخ.
تاريخ القدس بين تضليل اليهود وتضييع المسلمين.