نقطة ضعف العبريين.. التحجُّر
نقطة ضعف العبريين.. التحجُّر
من المعلوم في التاريخ أن العبريين قد أقاموا في مصر لقرون منها إقامتهم في سيناء، ومعروفٌ أيضًا كما ذكرنا أن مصر نشأت بها الكتابة بالصور ثم الكتابة المقطعية ومنها إلى الكتابة بالحروف، ورغم ذلك فلم يشهد التاريخ إضافة العبريين إلى كتابة المصريين بجديد، وإنما كانوا يأخذون الثقافة فيتحجَّرون عليها حتى تأتي تغيرات العصر من حضارة أخرى قوية فينتقلون إلى معاملاتها، ويشهد على ذلك رسائل أمراء فلسطين إلى فرعون مصر منذ القرن الخامس عشر قبل الميلاد والتي كانت تكتب بالحرف المسماري، ثم في أيام حضارة بابل إذا بهم ينقلون الحروف المربَّعة عن بابل وكنعان، وفي المزمور التاسع عشر بعد المئة نجد الاقتباس من النطق العربي حاضرًا بشكل قوي، وظلوا يقتبسون من الحضارات كما نرى عندما اقتبسوا من أعاجم الشمال نطقهم الواو “فاءً”.
لقد امتازت اللغة العربية بخواص شعرية لم تكن في اللغات السامية أو العبرية أو الكلدانية، ويظهر ذلك دون تفصيل في الحساسية الموسيقية لها، وتمييزها بين الظاء والضاد، والذال والدال، والحاء والخاء والهاء، وغير ذلك مما يستعصي على اللغات الأخرى وأصحابها، لا سيما التمييز الذي نجده في كلمات اللغة بمجرد وضع التشكيل كالضمة والكسرة والفتحة، وقد نرى الاختلاف الواضح عند الشعر بين الأمم المختلفة، حيث نلاحظ أممًا تراعي القافية دون الوزن مثل شعوب الصين، وأممًا انتظم فيها الوزن بتفعيلاته مع القافية مثل العرب، وأممًا أخرى توقف شعرها عند السجع الذي يتردَّد في الفقرات القصيرة ليناسب التراتيل الدينية للكُهَّان.
الفكرة من كتاب الثقافة العربية
إذا عدنا بالتاريخ إلى الوراء، أو بمعنى أدق إلى الوراء كثيرًا، لوجدنا أن أقدم الثقافات في تاريخ البشرية ثلاث، وهي: الثقافة العربية، والثقافة اليونانية، والثقافة العبرية، والحق أن الثقافة العربية هي أقدمها، ورغم كون الأمر غريبًا بعض الشيء فإنه مُثبت بأدلة تاريخية واضحة، ويهتم هذا الكتاب بذكرها، ولكن ماذا إذا كانت قراءة تاريخ أمةٍ منذ بدايتها تجعلنا نعرف أشد نقاط ضعفها؟ وهذا يشمل حتى كونها أقوى الأمم في وقتنا الحالي، هنا يتعيَّن علينا استخدام قاعدة أن التاريخ دائمًا ما يُعيد نفسه ولو اختلفت أدواته.
مؤلف كتاب الثقافة العربية
عباس محمود العقاد (1989 – 1964): أديب ومفكر وشاعر مصري، وعضو سابق في مجلس النواب ومجمع اللغة العربية، ويُعد أحد عمالقة الأدب في مصر والعالم العربي، ويُعد من أهم كُتَّاب القرن العشرين في مصر، إذ عُرف بأنه رجل موسوعي المعرفة، حيث ألَّف العديد من الأعمال فاقت مئة كتاب في شتى المجالات، أشهرها:
– حياة قلم.
– سلسلة العبقريات.
– الفلسفة القرآنية.
– أثر العرب في الحضارة الأوروبية.