نقطة التحول في حياة الإمام
نقطة التحول في حياة الإمام
بعد أن نال الغزالي من الشهرة والنجاح والغنى لاحظ أنه منغمس في الدنيا وشهواتها وأنها شغلته عن الآخرة، وأن عمله في التدريس ونيَّته غير خالصة لوجه الله، محرِّكها وقتها هو طلب الجاه، فعرف أنه على وشك التعلُّق بالدنيا وأنه على شفا جرف هارٍ سيهوي به لو اتبعه، وظل يتردَّد بين شهوات الدنيا ودواعي الآخرة عدة أشهر.
وفي الشهر الأخير حدث له حادث عقد لسانه عن التدريس، فكان يحاول جاهدًا أن يدرِّس يومًا واحدًا من أجل الذين جاؤوا إليه، فلم يكن لسانه ينطق، فعزم على الفور الخروج من بغداد وذهب في رحلة حج توجَّه بعدها إلى الشام في عزلته التي استمرَّت عشر سنوات قضى بعضها في بيت المقدس غالب وقته في خلوة وتعبُّد ومجاهدة وتهذيب للنفس، والاشتغال بتزكيتها.
وفي القدس أخذ في تأليف كتابه الشهير “إحياء علوم الدين”، وكتاب “الأربعين في أصول الدين” وبعض الرسائل، ثم عاد إلى بلدته طوس مرة أخرى ليتابع عزلته سنة أخرى، ولكن تحت إلحاح الولاة وطلبهم في أن يخرج ليعلِّم الناس، خرج إلى نيسابور ليدرس بالمدرسة النظامية ثانيةً، ولكنه لم يستمر سوى مدة يسيرة هذه المرة عاد إلى التدريس بشخصية جديدة ونية جديدة لوجه الله خالية من أي مطالب دنيوية، لا ذلك العلم الذي يقصده لطلب الجاه.
وبعدها عاد الإمام إلى بيته في طوس واتخذ إلى جواره مدرسة يعلِّم فيها، وكانت أوقاته موزَّعة بينها وبين القرآن الكريم ومطالعة الحديث النبوي والصحيحين، كان هذا حتى آخر أيامه وتوفي رحمه الله في سنة خمسمائة وخمسين من الهجرة على خاتمة الحديث، إذ كان آخر انشغاله بالصحيحين، فقد مات وهو على صدره ولو عاش لسبق الكل في هذا العلم.
الفكرة من كتاب الإمام الغزالي وجهوده في التجديد والإصلاح
أبو حامد الغزالي علوم اجتمعت في عالم، وأشخاص اجتمعت في شخص واحد، اختلف حوله القدماء والمحدثون، بين ناقد ومادح، ومؤيد ومعارض.. لقي عناية كبيرة من الإسلاميين وغيرهم من الغربيين والمستشرقين.
يضم هذا الكتاب بين دفتيه ترجمة وسيرة حياة حجَّة الإسلام أبي حامد الغزالي ومنهجه في الإصلاح والتجديد وجهوده التي قام بها في خدمة الدين والعلم، وأبرز محطات حياته والتغيرات الفارقة فيها، يُعرف الكتاب بنسبه ومولده وظروف نشأته ورحلته التي قضاها في طلب العلم واجتهاده فيه، مرورًا بالتحولات والأحداث التي غيرت مجرى حياته حتى ذاع صيته وشهرته، ثم عُزلته وبداية اشتغاله بالتصوُّف وجهوده في الإصلاح.
مؤلف كتاب الإمام الغزالي وجهوده في التجديد والإصلاح
علي محمد محمد الصلابي: كاتب ومؤرخ من مواليد 1963 بنغازي ليبيا، تخرج في كلية أصول الدين والدعوة بالمدينة المنورة، ونال الماجستير في التفسير وعلومه من جامعة أم درمان، ثم نال الدكتوراه في الدراسات الإسلامية برسالته في فقه التمكين في القرآن عام 1999، والتي طبعت في كتاب بعد ذلك.
له العديد من المؤلفات في التاريخ والسير، منها: الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط – صفحات مشرقة من التاريخ الإسلامي – موسوعة الحروب الصليبية، والعديد من الكتب في سِيَر الخلفاء والقادة.