نفورٌ من نوع آخر!
نفورٌ من نوع آخر!
قد يَعرِض للمرء في أثناء القراءة ما يَعرِض له في أثناء أيِّ عمل آخر فيه نوع من العكوف على أدائه لوقت معيَّن من شرود الذهن أو البصر، فشرود الذهن أو الفكر أو القلب انصرافٌ بهم عن القراءة في حين أن العين ما زالت تقرأ وتتابع، وأما شرود النظر فيحصل عندما يمر أمام القارئ شخص أو مشهد أو صورة أو نحو ذلك فينشغل بها عن كتابه، والناس متفاوتون فيما يَعرِض لهم من شرود وفي طريقة دفعه عنهم، فمنهم من يطول به الشرود ومنهم من يقصر، والكل يجاهد نفسه في ذلك.
وهناك العديد من الوسائل التي يُدفَع بها الشرود، ومن ذلك أن يكون القارئ متجاوبًا متفاعلًا مع ما يقرأ سواء بالتعليق أم بالتعبير بوجهه مثلًا، كما أن رفع الصوت بالقراءة يساعد على دفع الشرود، والقرَّاء في المجمل على ثلاثة أوجه: منهم من يقرأ بصوت ومنهم من يحرِّك شفتيه دون صوت، ومنهم من يقرأ بعينيه فلا يحرِّك شفتيه ولا يتحدث، وعمومًا إن كنت متحدثًا أو صامتًا أو بصريًّا يمكنك بين الحين والآخر أن تجرِّب رفع صوتك بالقراءة، فذلك أدعى إلى أن يرسخ الكلام في ذهنك، وأن يزيد من فصاحتك اللغوية، وأن يُبعد عنك النوم والكسل.
أيضًا استعمال القلم في أثناء القراءة من الوسائل النافعة في دفع الشرود أيضًا، فتسطر ما استفدته أو ما تساءلت عنه أو تعليقاتك على مقاطع قرأتها في هامش الكتاب، وأيضًا يمكنك أن تستعمل الألوان المختلفة، وأن تدوِّن تلخيصًا للفقرة أو الفكرة أو تحاول تصحيح الأخطاء، لكن مع مراعاة الأدب والتواضع وحفظ المكانة لأهل العلم، فلا تتسرَّع بالتصحيح إلا بعد الاستيثاق من الخطأ والصواب، وكل ذلك وأكثر من الوسائل المعينة على التركيز وجمع الفكر على القراءة وحدها.
الفكرة من كتاب كيف تقرأ كتابًا؟
“الكتب جارٌ بارٌّ ومعلِّم خاضع ورفيق مطاوع لا يعصيك أبدًا.. وهو كذلك صاحبٌ كفء وشجرة معمرة دائمًا مثمرة، يجمع الحِكَم الحسنة والعقول الناضجة وأخبار القرون الماضية والبلاد المترامية، يجلو العقل ويشحذ الذهن ويوسِّع الأفق ويقوِّي العزيمة ويؤنس الوحشة، يُفيد ولا يستفيد ويُعطي ولا يأخذ”.
بلغة الناصح الأمين يُهدينا الكاتب أهم وأشمل النصائح المتعلِّقة بالقراءة والكتب، مستهدفًا بها معشر القراء وغيرهم بَدءًا بالمبتدئين والمتوسِّطين ومن قطعوا شوطًا طويلًا في هذا المجال، بل وللنافرين منها أيضًا، فهذا كتاب يستحقُّ، بل ولا بدَّ أن تحويه مكتبة كل قارئ.
مؤلف كتاب كيف تقرأ كتابًا؟
محمد صالح المنجد: كاتب وداعية سوري، ولد في الثلاثين من ذي الحجة بحلب في سوريا عام 1380هـ، نشأ في الرياض وتعلَّم في المملكة العربية السعودية ونال درجة البكالوريوس من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، ثم تحوَّل بعدها للدعوة إلى الله، وقد أخذ العلم عن عدد من المشايخ المعروفين كالشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ محمد بن صالح العثيمين، والشيخ محمد ناصر الدين الألباني، والشيخ صالح بن الفوزان وآل الفوزان وغيرهم.
ومن مؤلفاته:
أخطار تهدِّد البيوت.
ظاهرة ضعف الإيمان.
مسائل في الدعوة والتربية.
الأساليب النبوية في التعامل مع أخطاء الناس.