نعيش على الكوكب نفسه.. لكن!
نعيش على الكوكب نفسه.. لكن!
على الرغم من حقيقة أننا -البشر- ننتمي إلى الفصيلة نفسها، ونعيش على الكوكب نفسه ونمر بالمراحل العمرية نفسها ونختبر المشاعر البشرية نفسها، فإننا نميل إلى تجاهل نقاط التشابه ونركز على اختلافاتنا فقط، وهو ما يؤثر في رغبتنا الداخلية لتكوين الصِّلات، فنحن -البشر- نتشارك أيضًا حقيقة أننا مخلوقات اجتماعية تسعى إلى تكوين روابط عاطفية مع الآخرين، وبالنسبة إلى لمعظم البشر -وقد تكون أنت منهم- مجرد كوننا نتشارك الكوكب نفسه لا يمثل سببًا كافيًا للتواصل، لذا قد تجد أنك تلاحظ فقط اختلافات السن والجنس والعرق وحتى الخلفية الاجتماعية والاقتصادية، وهو ما يمنعك من منح الآخرين الفرصة لمشاركتك في حوار إيجابي يفيد الجميع.
ومع تحديات واقعنا الحالي المتمثلة في كوارث تلوث البيئة وتقلبات المناخ، تبرز أهمية الحوار المجتمعي الذي يضم جميع الفئات انطلاقًا من رغبتنا المشتركة في الحصول على حياة أفضل، ولتحقيق هذا الهدف علينا أولًا خلق مساحة مشتركة للحوار، وذلك من خلال اتباع الخطوات التالية: في البداية لا بد من الشعور بالتعاطف، ونعني به القدرة على احترام معاناة الآخرين وتقدير اهتماماتهم حتى لو لم تكن على القدر نفسه من الأهمية لنا، ونحن البشر بطبيعتنا نمارس التعاطف بشكل فطري، نتعاطف مع المتضررين من الكوارث الطبيعية أو المجاعات حتى لو لم يكونوا من معارفنا، وبعد ممارسة التعاطف تأتي الخطوة الثانية وهي الحرص على أن يبدأ الحوار من نقاط التشابه لا الاختلاف، ولا نعني بذلك تنحية الاختلافات، وإنما منح الفرصة لنقاط التشابه حتى تخلق أرضية مشتركة يشعر فيها الجميع بالتقدير.
وإيجاد نقاط التشابه ليس بالأمر الصعب، ومن الممكن إتقانه بوصفه استراتيجية للحوار الفعال، وذلك من خلال عدة وسائل، منها: طرح الأسئلة عن الهوايات أو حتى الطعام المفضل أو المشاعر، أو من خلال التعليق على نقاط التشابه الواضحة، مثل: مكان النقاش المشترك، أو المعرفة المشتركة بينكما، أو حتى الوظيفة المشتركة، ويمكن كذلك استخدام الفكاهة لكسر جمود الحوارات التي يتصاعد فيها التوتر، ولا نعني بذلك الاستخفاف بجدية النقاش، بل تمييز الوقت الصحيح للمزاح من أجل تخفيف حدة الضغط والتوتر ومن ثم الانتقال إلى الموضوعات الجادة.
الفكرة من كتاب أنا أقول فحسب: فن الحوار المتحضر: دليل للحفاظ على تواصل مهذب في عالم منقسم بشكل متزايد
“حسنًا أنا على حق! لقد هزمتهم في النقاش، وجهة نظري دائمًا صائبة!”، أريدك أن تفكر يا صديقي في آخر عدة نقاشات خُضتها، وأخبرني.. هل فكرت في هذه الجمل أو حتى صرّحت بها في نهاية النقاش؟ إذا أجبت بـ”نعم” فهذا يعني أنك لم تخُض نقاشات إيجابية، وإنما دخلت مصارعة بنية الفوز، ولم تستمع لغير كلماتك وأفكارك الخاصة.
ولا داعي إلى القلق، إذ يدل وجودك هنا على اهتمامك بحل هذه المشكلة، فدعني أصطحبك في رحلة قصيرة تعرف فيها قواعد الحوار المتحضر، فما الحوار المتحضر إذًا؟ وهل للفوز أهمية؟ وكيف تكون مستمعًا جيدًا؟ وأخيرًا كيف تخلق مساحة حوار مشتركة مع الأشخاص المختلفين؟ يجيب كتابنا عن هذه الأسئلة وغيرها الكثير.
مؤلف كتاب أنا أقول فحسب: فن الحوار المتحضر: دليل للحفاظ على تواصل مهذب في عالم منقسم بشكل متزايد
ميلان كوردستاني: رائد في مجال الأعمال، ومدافع عن البيئة، إذ تمحورت دراسته حول تأثير البشر في الأنظمة البيئية، وهو ما دفعه إلى البحث عن حلول جماعية باستخدام الحوار المجتمعي، ولذلك حوّل تركيزه إلى تشجيع الجيل القادم على إيجاد المساحات المشتركة التي تسمح للجميع بالمشاركة في عملية التغيير الإيجابي، وأنشأ ميلان منظمات عدة تسعى إلى تقديم حلول مستدامة عبر تحسين عملية الخطاب المدني وتنمية الثقافة العامة.
ملحوظة: لا توجد ترجمة عربية لهذا الكتاب.