نعم الله لا تُحصى
نعم الله لا تُحصى
تخيَّل لو أن شخصًا ما يقوم برعايتك باستمرار، ويدير كل شؤونك، يأتيك بالطعام والشراب وسائر ما تحتاج، ماذا ستكون مشاعرك نحوه؟ إنها في الغالب مشاعر الامتنان والحب، فإن كان من الطبيعي أن تتملَّكك هذه المشاعر تجاه من يتولَّى رعايتك في بعض جوانب حياتك، فكيف هي مشاعرك تجاه من يتولَّى جميع شؤونك منذ أن ولدت وحتى لحظتك هذه؟
فقد خلقنا الله (عز وجل) من العدم وجعل لنا السمع والأبصار والأفئدة والأطراف والأجهزة المختلفة كأسباب تتيسَّر لنا من خلالها الحياة بلا منغِّصات، فالأجهزة الداخلية تعمل داخلك ليل نهار لتقوم على راحتك، فلا تجهد ذهنك في التفكير عن كيفية عملها وماذا يحدث في داخلها، تنام وتستيقظ ولا يشغلك التفكير فيها، وهذه الأسباب لا تملك في نفسها القدرة الذاتية على القيام بوظائفها المختلفة، لكن الذي يمدها بالفاعلية والقدرة على ذلك هو الله (سبحانه وتعالى).
وما زال كرمه البالغ وهداياه المتنوعة إليك تتعدَّد، فقد أتاح لنا الكثير من الأصناف كي نتمتَّع بها، بل إن الصنف الواحد له عدة صور، فالخضراوات والطيور والأسماك من المأكولات وكلها صور رحمة، بل العجيب أن هناك مخلوقات خلقها الله (عز وجل) لإشاعة البهجة في نفوسنا عند رؤيتها، يقول تعالى: ﴿وَأَنْزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ﴾.
والمفترض أن يكون المقابل الذي نؤديه لله (عز وجل) كشكر له على نعمه هو السجود المتواصل، والتسبيح المطلق كحال الكون كله، ولكنه (سبحانه وتعالى) لم يطلب منا ذلك، بل طلب أعماًلا يسيرة لا تستغرق منا وقتًا معتبرًا، وفي هذا قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “إن الله تعالى ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة، أو يشرب الشربة، فيحمد الله عليها”.
الفكرة من كتاب كيف نحب الله ونشتاق إليه؟
إن الحب جزء أصيل من مشاعر الإنسان، وهو معاملة قلبية يشعر من خلالها المرء بميله وانجذابه إلى الآخر، ومع وجود قدر من حب الله في القلب إلا أن هناك شواغل تشوِّش عليه وتنازعه المكان مثل حب المال والزوجة والأولاد وغير ذلك، وليس المعنى هو تجريد مشاعر الحب من هذه الأمور، بل المطلوب أن يكون حب الله أكبر منها جميعًا، وإن من أعظم الوسائل لزيادة محبة الله في قلوبنا هو معرفته معرفة مؤثِّرة، لذا يسير بنا الكاتب في رحلة عن أهمية المحبة وثمارها ونقطة البداية لرحلة المحبة مع ذكر بعض الوسائل العملية التي من شأنها أن تسير بالإنسان قُدمًا في طريق حب الله (عز وجل).
مؤلف كتاب كيف نحب الله ونشتاق إليه؟
مجدي الهلالي: كاتب وطبيب وداعية مصري، قدَّم عشرات الكتب في الدعوة والتربية الإيمانية، التي تهدف إلى ارتقاء الفرد بنفسه والتخلُّص من مثبِّطات الهمم، له العديد من الخطب والتسجيلات والمقالات في مختلف الصحف والمواقع الإلكترونية، شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات المحلية والدولية، عمل بالسعودية فأقام في المدينة المنورة إلى أن توفي بها سنة 2005م.
من مؤلفاته: “التوازن التربوي وأهميته لكل مسلم”، و”حطِّم صنمك”، و”الإيمان أولًا فكيف نبدأ به”، و”تحقيق الوصال بين القلب والقرآن”.