نعرف رُسل اليهود.. ولكن من علمهم؟
نعرف رُسل اليهود.. ولكن من علمهم؟
إن من أكبر الأنبياء الذين نعرفهم قد بُعثوا في العبريين -اليهود- هم: إبراهيم وموسى وداود (عليهم السلام)، ونُدرك من أسفار التوراة نفسها أنهم تعلموا وتتلمذوا لأناس من العرب، فنحن نرى سيدنا موسى (عليه السلام) في سورة الكهف لما رافق الخضر ليتعلم منه، وكذلك لما تعلم من نبي “مدين” العربي شعيب (عليه السلام) ويدعوه العبريون “يثرون”، أما عن إبراهيم (عليه السلام) فإذا قيل إنه عبري كونه من نسل عابر بن سام، أو لأنه عبر مع قومه النهر إلى أرض كنعان، فهو بذلك ينتمي إلى قبيلة سامية من الجزيرة العربية التي هي موطن المتكلمين بالعربية في طور من أطوار هذه اللغة، ثم يأتي بعدهم النبي داود (عليه السلام)، وهو بالنسبة إلى العبريين رأس البيت المالك الموعود بالمُلك الأبدي في العالم، وهو رب الأسرة التي ينتظرون الخلاص على يدي ملك من ملوكها، وبالطبع نعلم الصلات بين ابنه سليمان (عليه السلام) وصاحبة عرش سبأ، لكننا قد نندهش أن المؤرخين الأوروبيين يشبهون بين مزاميره وصلوات الملك المصري إخناتون من آثاره، وهو الملك الذي دعا إلى التوحيد في مصر القديمة.
تطرقنا إلى الثقافة العبرانية من حيث الديانة والفلسفة وتأثير الثقافة العربية الكامل فيها، وها نحن الآن ننتقل إلى ما يخص اللغة والكتابة، ومن المعلوم أن العبريين في أثناء انتقالهم من جنوب الجزيرة العربية إلى وادي النهرين ثم إلى أرض كنعان كانت لهم لهجة من لهجات اللغة السامية، لكنهم مع انعزالهم لم يحدث ذلك التطور الذي لاقته بقية اللهجات السامية، وأصبحت لهم لغتهم تلك التي لم يرغبوا مشاركتها مع الجيران حتى تحجَّرت اللغة العبرية، وقد كان اليهود معروفين بقلة قراءتهم ومعرفتهم بعلوم الفلسفة والهندسة والجغرافية نظرًا إلى انعزالهم.
الفكرة من كتاب الثقافة العربية
إذا عدنا بالتاريخ إلى الوراء، أو بمعنى أدق إلى الوراء كثيرًا، لوجدنا أن أقدم الثقافات في تاريخ البشرية ثلاث، وهي: الثقافة العربية، والثقافة اليونانية، والثقافة العبرية، والحق أن الثقافة العربية هي أقدمها، ورغم كون الأمر غريبًا بعض الشيء فإنه مُثبت بأدلة تاريخية واضحة، ويهتم هذا الكتاب بذكرها، ولكن ماذا إذا كانت قراءة تاريخ أمةٍ منذ بدايتها تجعلنا نعرف أشد نقاط ضعفها؟ وهذا يشمل حتى كونها أقوى الأمم في وقتنا الحالي، هنا يتعيَّن علينا استخدام قاعدة أن التاريخ دائمًا ما يُعيد نفسه ولو اختلفت أدواته.
مؤلف كتاب الثقافة العربية
عباس محمود العقاد (1989 – 1964): أديب ومفكر وشاعر مصري، وعضو سابق في مجلس النواب ومجمع اللغة العربية، ويُعد أحد عمالقة الأدب في مصر والعالم العربي، ويُعد من أهم كُتَّاب القرن العشرين في مصر، إذ عُرف بأنه رجل موسوعي المعرفة، حيث ألَّف العديد من الأعمال فاقت مئة كتاب في شتى المجالات، أشهرها:
– حياة قلم.
– سلسلة العبقريات.
– الفلسفة القرآنية.
– أثر العرب في الحضارة الأوروبية.