نظرية المعرفة وعلاقة السببية
نظرية المعرفة وعلاقة السببية
يقصد بنظرية المعرفة ذلك الفرع من الفلسفة المعني بالبحث في حقيقة المعرفة الإنسانية وقيمتها ومصدرها وحدودها، وبالنظر إلى موضوع السببية، فإن العلاقة السببية إذا كانت تعني “الارتباط الضروري” فإن المعرفة ليست ممتنعة، بل مؤكدة، فإننا نعلم ضرورة أن ما نحسُّه بالحواس له سبب أدى إلى حدوثه.
وإذا كانت علاقة السببية تعني (القوة المودعة)، أي إثبات الخصائص الذاتية للأشياء، فإن ذلك يعني حصول العلم الإجمالي بالواقع الموضوعي الخارجي، ومن ثم لا تكون المعرفة ممتنعة، بل مُرجحة، أما إذا كانت علاقة السببية تعني (الاقتران العادي)، أي نفي الخصائص الذاتية للأشياء، فإن المعرفة ليست ممتنعة، لكن ليس هناك دليل عليها، إذ نحتاج إلى دليل نستدل به على وجود الواقع الخارجي، حيث لا توجد علاقة بين الواقع الخارجي والذهن، وفي جميع الأحوال نجد الجميع متفقين على إمكان المعرفة.
أما عن وسائل المعرفة التي تصل بين النفس المُدرِكة والمعارف المُدرَكة، فإن المتكلمين والفلاسفة المسلمين لهم نظرة أوسع وأشمل حيث تعدَّدت وسائل المعرفة عندهم، فشملت الوسائل الحسية، والوسائل العقلية، والوسائل النقلية وفي مقدمتها الوحي الإلهي والإلهام والوجدان الذاتي كالشعور بالحزن والجوع.
أما عن مصدر المعرفة وحدودها، فقد اتفق المسلمون على الإيمان بالعالم الخارجي كواقع موضوعي حقيقي، كما يعتقدون بوجود غير مادي لا تدركه الحواس، ولا يقع تحت التجربة، كوجود الملائكة، كما اتفقوا على أن الإنسان لديه معارف عقلية أولية مخلوقة فيه، لكن إدراكها يأتي شيئًا فشيئًا عند نضج العقل لدى الطفل، كما اتفقوا على أن معيار التحقق من المعرفة، يكمن في أن المعرفة الصادقة والمعرفة الحقيقية، هي التي تكون مطابقة للواقع.
الفكرة من كتاب السببية بين العقل والوجود في الفكر الإسلامي
أمام كل ظاهرة تحدث، يجد الإنسان في ذاته الباعث الذي يدفعه إلى التساؤل: كيف؟ ولماذا؟ وما السبب؟ يبغي منها تحليل تلك الظواهر باحثًا عن سبب وجودها، واستكشاف العِلل الكامنة وراءها، ومن هنا كانت “علاقة السببية” بالنسبة إلى الإنسان هي الحلقة الأولى من كل سلسلة تفكير أو تساؤل، وقد يبدو لنا أن السببية مسألة محسومة ومنتهية، لكن المتعمِّق في الفكر الفلسفي، يجد أن الفلاسفة والسادة المتكلمين أرباب عِلم الكلام، قد ذهبوا فيها مذاهب شتَّى، محاولين فهمها وتفسيرها.
مؤلف كتاب السببية بين العقل والوجود في الفكر الإسلامي
الدكتور أكرم خفاجي: مهندس عراقي، تحوَّل إلى دراسة العلوم الشرعية، وحصل على الدكتوراه في العقيدة والفلسفة الإسلامية، من مؤلفاته: “متشابه الصفات بين التأويل والتفويض”.