نظرية الارتباط الضروري
نظرية الارتباط الضروري
يرى أصحاب نظرية الارتباط الضروري أن الإنسان يجد دائمًا الباعث إلى تعليل ما يجد من أشياء، مسوغًا وجودها، مستكشفًا أسبابها، لذلك نجد أن الإنسان يسأل: لماذا؟ أمام كل ظاهرة يحسُّ بها، حتى إنه إذا لم يجد سببًا معينًا لها، فإنه يُرجِعُها إلى سببٍ مجهول، فالسببية عندهم، هي حاجة الحادِث إلى مُحدِث، وافتقار الممكن إلى مُرجِّح، واحتياج المُتغيِّر إلى مُغيِّر، فهي تضمُّ الظواهر الطبيعية كما تضم الظواهر فوق المادية، وبناءً على ذلك فإن العلاقة السبيية علاقة ضرورية حتمية، فإذا وُجِدَ السبب التام فلا بدَّ من حصول النتيجة.
فعندما يتناول الإنسان عصًا في يده، ويحرِّك تلك العصا بيده، فإن العصا واليد تتحرَّكان في زمان واحد، إلا أن الإنسان يجد الباعث إلى تقديم حركة اليد على العصا، حيث يعتقد أن حركة العصا تولَّدت ونتجت عنها حركة اليد، وليس العكس، وبناءً على ذلك يرون إثبات علاقة “السببية الطبيعية”، فيُرجِعون كل شيء إلى قانون السببية.
وتنقسم الأسباب إلى عدة أنواع منها: السبب التام والسبب الناقص، فالسبب التام هو الذي اشتمل على ما يتوقَّف عليه المعلول، فيتألَّف من (السبب، والشرط، وعدم وجود مانع)، أما السبب الناقص فهو الذي فقد واحدًا أو أكثر مما يتوقَّف عليه المعلول، فإذا أردنا أن نحرق ورقة، فهذا الإحراق يحتاج إلى سبب تام يتألَّف من السبب (النار)، والشرط (أن تكون النار قريبة من الورقة)، وعدم وجود مانع (أن تكون الورقة جافة غير رطبة)، فبذلك تحدث النتيجة وتحترق الورقة.
الفكرة من كتاب السببية بين العقل والوجود في الفكر الإسلامي
أمام كل ظاهرة تحدث، يجد الإنسان في ذاته الباعث الذي يدفعه إلى التساؤل: كيف؟ ولماذا؟ وما السبب؟ يبغي منها تحليل تلك الظواهر باحثًا عن سبب وجودها، واستكشاف العِلل الكامنة وراءها، ومن هنا كانت “علاقة السببية” بالنسبة إلى الإنسان هي الحلقة الأولى من كل سلسلة تفكير أو تساؤل، وقد يبدو لنا أن السببية مسألة محسومة ومنتهية، لكن المتعمِّق في الفكر الفلسفي، يجد أن الفلاسفة والسادة المتكلمين أرباب عِلم الكلام، قد ذهبوا فيها مذاهب شتَّى، محاولين فهمها وتفسيرها.
مؤلف كتاب السببية بين العقل والوجود في الفكر الإسلامي
الدكتور أكرم خفاجي: مهندس عراقي، تحوَّل إلى دراسة العلوم الشرعية، وحصل على الدكتوراه في العقيدة والفلسفة الإسلامية، من مؤلفاته: “متشابه الصفات بين التأويل والتفويض”.