نظريات المؤامرة والعقلية المؤامراتية
نظريات المؤامرة والعقلية المؤامراتية
المؤامرة هي تلك النظرية التي تفسِّر حدثًا ما أو مجموعة من الظروف بأنها ناشئة عن خطَّة سريَّة يضعها متآمرون ذوو نفوذ في كثير من الأحيان، ومن ثمَّ فهي أسلوب في التفسير، ولا ينظر أصحاب نظرية المؤامرة إلى أنفسهم باعتبارهم رواة لقصص مغوية، ولكن يعتبرون أنفسهم باحثين ومحقِّقين، فإذا جادلت أحدهم حول حدثٍ معين، فسوف يبهرك بقائمة لا تنتهي من الحقائق والحجج التي تشير بوضوح إلى أن هناك مؤامرة كتفسير وحيد للحدث، إذ يعتمد على كل شيء غريب وتافه في نسيج نظرية جامعة، لذلك يمكن أن تبدو نظريات المؤامرة أقوى من الروايات الرسمية لمجرَّد تكامل أركانها، وقدرتها على تفسير ما تعجز عن تفسيره الروايات الرسمية، وسبب اعتمادها على كل شيء ضئيل وغريب وتافه، أنها تُلقي ظلالًا من الشك على التفسير الرسمي السائد بأكمله، ومن ثمَّ فإن نظرية المؤامرة يستحيل دحضها، لأنه في كل مرة تظهر أدلة ضدها، فإنها تختلق التواءات جديدة، وبالتالي فكل محاولة لدحضها تعد محاولة تضليل ومؤامرة، فإذا بدا الأمر مؤامرة، فهو مؤامرة، وإذا لم يبدُ مؤامرة، فهو بالتأكيد مؤامرة، فتصبح الأدلة ضد نظرية المؤامرة، أدلة على وجودها، ومن ثمَّ فهي صائبة في كل الأحوال!
إن العقلية المؤامراتية تعدُّ عدسة يمكن من خلالها رؤية العالم، وهي قادرة على تشويه كل شيء في مجال رؤيتها، إذ إن كل شيء يمكن أن يصبح مؤامرة، حتى ولو كان مؤتمرًا بسيطًا، بل ولو كانت قصصًا ملفَّقة، أو يعارض بعضها بعضًا في ذات الوقت! كل ما هنالك أن شبكة الإنترنت جعلت تداول المعلومات أسهل وأسرع من أي وقت مضى، فخلال دقائق من وقوع حدثٍ ما وانتشاره في الأخبار، يمكن لأي شخص لديه اتصال بالإنترنت أن يُدلي بدلوه، ويفسِّر أن ما جرى دليل على نوع ما من المؤامرة، أو التستُّر على شيء ما، ومن ثمَّ قلَّما نجد حدثًا ما لا يثير على الأقل موجة قصيرة من نظريات المؤامرة، وقد توصَّلت جميع الدراسات أن هناك علاقة بين تصديق الشخص لإحدى النظريات، وتصديق غيرها ولو لم يكن بينهم ترابط، والعكس صحيح، ببساطة فإن نظرية المؤامرة لا تهتم كثيرًا بالتفاصيل، ومن ثمَّ إذا كنت تعرف موقف شخص ما من نظرية مؤامرة معينة، إذن يمكنك التنبؤ بمواقفه من نظريات المؤامرة الأخرى، فمن كان رافضًا لنظرية المؤامرة، فغالبًا سيرفض أي نظرية تتكلم عن وجود مؤامرة، والعكس صحيح.
الفكرة من كتاب عقول متشكِّكة.. لماذا نُصدِّق نظريَّات المؤامرة!
يرى عدد من الناس أن هناك مؤامرة خلف كل شيء يحدث من حولهم، إذ تسيطر نظريات المؤامرة على عقولهم، وطريقة تفكيرهم، والذين ينسجون نظريات المؤامرة ليسوا فئة واحدة، بل تتدرَّج مرتباتهم، وتجدهم في كل مكان، فمنهم أساتذة وجامعيون، وحاصلون على جائزة نوبل، ورؤساء دول! إن أعدادهم أكثر مما تتوقَّع، وعلى الأرجح أنك تعرف البعض منهم، بل لعلَّك من بينهم! ومن هنا يبحث المؤلف في التفكير الذي يقف وراء نظرية المؤامرة، ويكشف عن الكيفية التي نقرِّر بها أن شيئًا ما معقول وآخر عبثي، ولماذا يُصدِّق بعض الناس أشياء يرى سواهم أنها غير معقولة وغير قابلة للتصديق، مُستعينين في ذلك بعلم النفس.
مؤلف كتاب عقول متشكِّكة.. لماذا نُصدِّق نظريَّات المؤامرة!
روب براذرتون : هو عالم نفس أكاديمي، وكاتب علمي، حصل على درجة الدكتوراه في علم نفس نظريات المؤامرة، كما قام بتدريس محاضرات عن الأسباب التي تدفع الناس إلى تصديق الأشياء الغريبة، كما أنه عضو في وحدة أبحاث علم نفس الخوارق بكلية “جولد سميث” بجامعة لندن، ولديه موقع خاص يكتب فيه عن نظريات المؤامرة، وهو موقع Conspiracypsychology.com.
معلومات عن المترجم:
هاني فتحي سليمان: مترجم، حصل على بكالوريوس التربية قسم اللغة الإنجليزية، عمل في مؤسسة هنداوي في وظيفة مراجع ترجمة، ويعمل حاليًّا في وظيفة مراجع أوَّل، ترجم وراجع العديد من الكتب بلغت 60 كتابًا إلى اللغة العربية، من كتبه المترجمة:
شركة المستقبل.
الكواكب.. مقدمة قصيرة جدًّا.
ماجستير في إدارة الأعمال في يوم واحد.
يمكنك أن تتواصل.
آراء فينر في القيادة.
الثروة التلقائية.