نظريات الذكاء
نظريات الذكاء
بعد التعرف على ميتانظرية الذكاء يمكننا الآن مناقشة نظريات الذكاء المختلفة التي نشأت عنها، ويمكن تصنيف هذه النظريات من حيث منطلق الميتانظرية الذي تبحث فيه إلى ثلاثة منطلقات: المنطلق الأول: نظريات تبحث في الفروق الفردية، وتشمل نظريات عدة مثل: “نظرية وقود الجي (g)”، وهي النظرية التي افترضت أن التشعب الإيجابي نابع من ناقلات عصبية داخل الدماغ وأن الذكاء مستقر، وألغت الفروق بين الأعراق وتأثيرات البيئة، و”نظرية ستيرنبرج | Sternberg” التي سميت باسم الذكاء الناجح واحتوت على طرائق لتعليم الأفراد، كيف يتكيفون مع بيئتهم ويستغلون نقاط قوتهم، و”نظرية جاردنر | Gardner” التي وسعت الذكاء ليشمل الذكاء اللغوي، والموسيقي والمكاني والمنطقي والرياضي والذكاء الشخصي الموجه ناحية الذات والآخرين، وأخيرًا “نظرية بَاندُورَا | Bandura” التي افترضت أن العوامل المعرفية وغير المعرفية تتفاعل في ما بينها وتؤثر في قدرات الفرد، وأن للخبرات الحياتية والذاتية تأثيرًا في المستوى المعرفي.
في حين أن نظريات المنطلق الثاني من ميتانظرية الذكاء كانت نظريات تبحث في تغيرات الـIQ عبر الزمن، ففسرت “نظرية فلين | Flynn” أن الارتفاع في الـIQ على اختبار ريفن للأجيال السابقة تحديدًا يعود سببه إلى عوامل سوسيولوجية أكثر منها بيولوجية، وهي الثورة الصناعية والحداثة وفرص التعليم المتاحة، وتطور العقول لتأخذ العلم التجريدي على محمل الجد، أما “نظرية أوسترديخوف | Oesterdiekhoff” فقد أرجعت أسباب الارتفاع إلى تقدم العلم وصعود الديمقراطية، وقسم النمو المعرفي أربع مراحل هي: مرحلة النمو الحسي والحركي، والمرحلة ما قبل العملياتية، ومرحلة العمليات الملموسة، وأخيرًا مرحلة العمليات الرسمية، وافترض أن مجتمعات ما قبل الحداثة عالقة في المرحلتين الثانية والثالثة.
أما نظريات المنطلق الثالث من ميتانظرية الذكاء فتبحث في فسيولوجيا الدماغ، نصت “نظرية إيان ديري | Ian Deary” على أن الخلايا العصبية هي المسؤولة عن الوظائف الذهنية، وتمثل هذه الخلايا ما يعرف بالمنطقة الرمادية للدماغ، وتتصل هذه الخلايا العصبية بعضها ببعض من خلال امتدادات ليفية، وتكون منطقة الاتصال هذه ما يعرف بالمادة البيضاء للدماغ، وافترض أن الذكاء مرتبط بسُمك المادة الرمادية.
الفكرة من كتاب هل تجعلك عائلتك أذكى؟ الوراثة، البيئة وحدود الاستقلال البشريهل تجعلك عائلتك أذكى؟ الوراثة، البيئة وحدود الاستقلال البشري
مع التقدم المعرفي الهائل والاختراعات المذهلة النابعة من عقول الأذكياء، وبالرغم من قدرتنا الحالية على إجابة عديد من الأسئلة المتعلقة بالبشر من الناحية البيولوجية أو النفسية، ما زلنا لا نمتلك تعريفًا واضحًا للذكاء، وما زال تقدمنا التكنولوجي قاصرًا على قياس هذه الملكة الفريدة المحاطة بالغموض أو الإحاطة بكل صفاتها.
هل يمكن وضع تعريف للذكاء؟ وهل نحن حصيلة الجينات التي ورثناها فقط؟ هل تُحدث العوامل كالعائلة والخبرات الحياتية فرقًا في مستوى الذكاء الفردي؟ وهل تعد تجاربنا الحياتية وقراراتنا الشخصية فريدة وذات تأثير في عمل عقولنا، أم أن الذكاء كالصفات الجينية الثابتة؟ يحاول كتابنا الإجابة عن كل هذه الأسئلة المثيرة وغيرها الكثير من خلال تحليل نتائج اختبارات الذكاء المختلفة على مدى فترات زمنية طويلة، كما يناقش نظريات الذكاء المختلفة وآلية عمل بعض اختبارات الذكاء المشهورة.
مؤلف كتاب هل تجعلك عائلتك أذكى؟ الوراثة، البيئة وحدود الاستقلال البشريهل تجعلك عائلتك أذكى؟ الوراثة، البيئة وحدود الاستقلال البشري
جيمس آر فلين: هو فيلسوف وعالم نفس، ولد عام ١٩٣٤م في الولايات المتحدة، درس في جامعة شيكاغو وحصل على دكتوراه في الفلسفة، وهاجر إلى نيوزيلندا عام ١٩٦٣م حيث عمل مدرسًا للسياسة في جامعة أوتاجو، حصد عديدًا من الجوائز بسبب أعماله المتميزة في المجال البحثي المتعلق بالذكاء ومنها: ميدالية العلوم الإنسانية عام ٢٠١١م، وزمالة الجمعية الملكية في نيوزيلندا، له عديد من المؤلفات ومنها:
What is intelligence
Are we getting smarter
How To Improve Your Mind
معلومات عن المترجم:
أحمد الناصح: مترجم ومدون عراقي، من أعماله المترجمة:
صورة فوتوغرافية للرب.
أعظم فلاسفة غيروا العالم.