نظام المكافآت بين الخارجي والداخلي
نظام المكافآت بين الخارجي والداخلي
يجد كثير من الآباء صعوبة في إلزام أطفالهم بتنفيذ واجباتهم، سواء المدرسية منها أو المنزلية، فيلجؤون إلى التحفيز والمكافآت، فقد يقول الأب لطفله: إن اهتممت بأغراضك ورتبت غرفتك لمدة أسبوع فستحصل على مكافأة مالية، وندرك جميعًا كيف يكون هذا الأسبوع خصوصًا إذا وضعنا مكافأة يرغب فيها الطفل فعليًّا، ومن ثم نعيد الكرة تلو الكرة بغية الحصول على النتائج نفسها، لكن على المدى الطويل نرى عدم فاعلية تلك المحفزات، فلماذا؟ ما الذي حدث؟
لنعود إلى الوراء ونتأمل جميع الأطفال منذ نعومة أظفارهم إلى مشيبهم، لنلاحظ رغبتهم في الاستكشاف والتعلم والتطور، فهم مدفوعون بدافع داخلي نحو الاستكشاف والبحث، خصوصًا عندما يشعرون أن ما يبحثون عنه هو هدفهم هم، وليس هدف والديهم أو معلميهم، فهذه الرغبة هي الرغبة الحقيقية التي تقود الطفل إلى التعلم، حتى عندما يتعثر أو يفشل، وهو ما يطلق عليه الحافز الداخلي، لذا علينا تجنب المكافآت الخارجية وربطها بالفعل، ونستخدمها على مسافات متباعدة، فلا تصير عادة.
أما المكافأة من خلال الثناء، فإن الأمر يختلف حسب الكيفية، فحين تشجع طفلًا على ما وصل إليه من نجاح في مادة ما، أو على فعله فعلًا ما، لا تمدحه على قدراته ومواهبه الفطرية، بل امتدحه على مجهوده وجهده الذي بذله، فقل مثلًا: “لقد أحسنت جهدًا في ترتيب أغراضك”، فهذا يساعد عقليته على النمو، إذ تنقسم عقلية البشر قسمين: عقلية ثابتة، وعقلية نمو، فذوو العقلية الثابتة يعتمدون على مواهبهم وذكائهم الفطريين، مدعين أنها لا تتطور ولا تتغير بالمثابرة والاجتهاد، أما ذوو عقلية النمو فيرون أن الذكاء والقدرات الفطرية ما هي إلا نقطة للانطلاق، وكلما تعلمنا واجتهدنا نمينا مواهبنا وطورنا من ذواتنا، فنجد ذوي عقلية النمو يندفعون نحو التجربة، مما يولد عندهم الثقة والاعتماد على النفس، ويخلق عندهم الكفاءة والقدرة على ممارسة الأعمال، بينما يظل ذوو العقلية الثابتة معتمدين على ما تعلموه غير راغبين في تجربة أي جديد مخافة أن تهتز صورتهم الذكية في عقول الناس.
الفكرة من كتاب نعمة الفشل، كيف يتعلم أفضل الآباء التجاهل حتى يتسنى لأطفالهم النجاح
هل تشعر بتماهي الحدود بينك وبين طفلك، فتارةً تعامله كصديق وتارةً أخرى تعامله كآمر له بشيء أو ناهيه عن آخر؟! نشعر أحيانًا بأن دورنا يكون متداخلًا ولا نستطيع الوقوف على حدوده، فما وظيفة الوالدين تجاه أبنائهم؟ نحن نعيش في مجتمع يكثر فيه الحديث عن الكوارث والأوبئة والأمراض النفسية والجسدية، ويحاول الأهل بكل طاقتهم توفير الحماية لأبنائهم بما يسمح لهم بممارسة حياة صحية سعيدة، هذا ما يرغب فيه كل والد، لكن أهذا ما يحدث بالفعل؟ أدركت الكاتبة أن السُّبُل المتبعة من الحماية والسيطرة للوصول إلى سعادة الطفل لا تجعله سعيدًا بالفعل، بل تجعله أكثر انحدارًا وتذبذبًا واضطرابًا تجاه الحياة والناس.
يبدو من عنوان الكتاب أننا سنمدح الفشل، ولِمَ لا؟! فالفشل هو الخطوة الأولى للنجاح، ولو لم ندرك أننا فاشلون في شيء ما، لما شعرنا بالرغبة في تعلمه، لذا علينا تقبل الفشل والانسحاب خطوات إلى الوراء، تاركين الساحة لأبنائنا ليخوضوا تجاربهم دون قيود أو مخاوف، لكن أولًا: متى ظهر اختصاصيو التربية
مؤلف كتاب نعمة الفشل، كيف يتعلم أفضل الآباء التجاهل حتى يتسنى لأطفالهم النجاح
جيسيكا لاهي : معلمة ومحاضرة وكاتبة، تدرس اللغة الإنجليزية واللاتينية وفنون الكتابة، كما كتبت في كل من مجلة ذي أتلانتك، وصحيفة نيويورك تايمز، وكان لها عمود نصائح نصف شهري بعنوان “اجتماع الآباء والمعلمين”، كما عملت معلقة في محطة فيرمونت بابلبك الإذاعية، وحصلت على الدكتوراه في علم القانون من جامعة نورث كارولينا في تشابل هيل، وقد ركزت على القوانين الخاصة بالأحداث والتعليم، ولها مؤلف آخر اسمه:
The Addiction Inoculation: Raising Healthy Kids in a Culture of Dependence.