نصيبك من دعائك
نصيبك من دعائك
عندما تتأمَّل قول النبي (ﷺ): “لا تدعوا على أنفُسِكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالِكم، لا توافقوا من اللهِ ساعةً يُسأل فيها عطاءٌ، فيستجيبُ لكم” تدرك كم كان النبي حريصًا على الدعاء بالخير لا الدعاء بالشر، لذا إذا أردت أن تُعلِّم أبناءك الدعاء فيجب أن تُحبِّبهم فيه وتعلمهم كيف، وتكون خير مثال لهم، فحين تجلس بينهم ادعُ لزوجتك لأنها أحسنت في تحضير مائدة طعام أو صنعت حلوى جميلة لكم، وكذلك الأم تدعو لزوجها وأبنائها أمامهم.
وأكثر ما ينحفر بذاكرة أبنائك حين غضبكم منهم، فاحرص أن تدعو لهم لا عليهم فيستحيوا منكم ويستجيب الله لك، وحين يمرض سيحصل بالتأكيد على المزيد من الحنان والرعاية فأكثر من الدعاء له أمامه وفي صلاتك حين تنتهي منها أخبره (دعوت لك يا بني بالشفاء والهداية) فيفرح، علم ابنك أن دعاءك له أشبه بالمكافأة له لعملٍ طيبٍ صنعه لك وعلِّمه أن دعوة الوالدين لا تُرد فهي مستجابة دائمًا فيتحمَّس أكثر للفوز بدعواتكما، وشجِّعه أن يكون ممن يكثرون الدعاء لإخوانهم، فقد قال النبي (ﷺ): “دعوةُ المسلم لأخيه، بظهر الغيب، مُستجابةٌ، عند رأسِه ملَكٌ مُوكَّلٌ، كلما دعا لأخيه بخيرٍ، قال الملَكُ الموكلُ به: آمين، ولكَ بمثل ذلك”، فحينها سيُنتزع ما بينهم من غيرة ويزيد الحب بينهم.
واحكِ لأبنائك قصصًا عن الدعاء وكيف كان الصحابة أحرص الناس على الفوز بدعوة من النبي (ﷺ): فقد روي عن سيدنا أنس بن مالك (رضي الله عنه) قال: جاءت بي أمي إلى رسول الله (ﷺ)، وقد أزرتني بنصف خِمارها وردَّتْني بنصفِه، فقالت: يا رسول الله، هذا أنيس، ابني، أتيتُكَ بهِ يخدُمكَ، فادعُ الله له، فقال رسول الله (ﷺ): “اللهم أكثِرْ ماله وولده” وطلبت الأم الدعاء له ثلاث مرات، وكان في دعاء النبي له حكمة عظيمة، فقد جمع فيه لسيدنا أنس بين الدنيا والآخرة وقرَّ عين أمه به.
ولربط ابنك بالدعاء ليكون مُلازمًا له وقت فرحه وغضبه وشدته أن تربط له مع كل موقف دعاء فيحفظه ويظل يردِّده فلا ينساه أبدًا، ويعلم أن الله هو مُقدر كل أمر ومُجيب كل دعوة، ويشير الكاتب إلى أنه “حين يعرف ابنك فضل دعاء ما، فإنه سيحبه حتى لو لم يحافظ عليه، وكثير من أبنائنا وبناتنا يحبون الأغاني لأنهم لم يجدوا من يساعدهم على حب الدعاء، وابنك إن لم تشغله بالحق، شَغله الآخرون بالباطل”.
الفكرة من كتاب عَلِّم ابنك كيف يسأل ربه وكيف يشكو حزنه إلى الله
إن التربية علمٌ مُمتدٌّ أثره ومهم لكل أب، فتربية أبنائك مسؤولية واقعة على كاهليك أمام الله، وقال رسول الله (ﷺ): “كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته: الإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها والخادم راعٍ في مال سيده ومسؤول عن رعيته؛ فكلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته”، وأسوةً برسول الله (ﷺ) وأثره في تربية أجيال كاملة من صغار وكبار نقتدي به للتعامل مع صغارنا.
مؤلف كتاب عَلِّم ابنك كيف يسأل ربه وكيف يشكو حزنه إلى الله
عبد الله محمد عبد المعطي: خبير تربوي، وله عدة مؤلفات تربوية مهمة، منها: “بالحب نربي أبناءنا”، و”أطفالنا: خطة عملية للتربية الجمالية سلوكًا وأخلاقًا”، و”حياتنا الأسرية بدون عصبية”.