نشأة علي وشخصيته
نشأة علي وشخصيته
هو علي بن أبي طالب أول هاشمي لأبوين هاشميين، فأبوه أبو طالب بن عبد المطلب بن هاشم، وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم؛ أي اجتمع له حسن النسب من أبيه وأمه واجتمعت له جملة من الصفات الكريمة، مما اشتهر به بنو هاشم من الشجاعة والمروءة، وعُرف – رضي الله عنه – منذ طفولته بالنبوغ والذكاء؛ ففهم رغم صغر سنه أمرَ النبوة وصدَّقه، وهو ابن عم النبي – صلى الله عليه وسلم – وربيبه؛ فعندما أصاب القحط قريشًا دعا النبي – صلى الله عليه وسلم – عميه العباس وحمزة أن يكفا أبا طالب أمر أولاده، وأخذ النبي عليًّا.
كان علي أصغر أبناء أبويه، وكان يتمتع ببنية قوية فلم يصارع أحدًا إلا صرعه، ولم يبارز أحدًا إلا قتله، وكان ذا فطنة نافذة لا ينكرها عليه أحد، فكان خير مستشار في مشكلات الحكم والقضاء لمن سبقه من الخلفاء، واتفق أنصاره وأعداؤه على حسن بلاغته وسعة علمه وإن اختلفوا على دهاء حكمه وسياسته، ولكن الحق عنده لا جدال فيه.
أما شخصيته فقد أجملها العقاد في قول (آداب الفروسية)، ويعني بها النخوة التي انبثقت منها سائر صفاته من مروءة وشجاعة وورع وثقة من غير تكلُّف، تلك النخوة التي جُبِل عليها فعملت في نفس صاحبها أنفة تمنعه أن يعمل في السر ما يَزري به في العلانية، لقد بلغت منه النخوة مبلغها ولا سيما في معاملة الضعفاء، فلم يعادِ امرأة ولم يصرع جريحًا عاجزًا عن القتال ولم يمنع جند عدوه مورد الماء، ولم يقضِ على عدو وهو ملقى على الأرض مكشوف العورة ولم ينل من عدو بالسباب، فمن قوله لأصحابه في موقعة صفين: “إني أكره أن تكونوا سبابين، ولكنكم لو وصفتم أعمالهم وذكرتم حالهم كان أصوب في القول وأبلغ في العذر”، كما رفض أن يبدأ بقتال جيش معاوية إلا أن يكونوا هم البادئين وأرسل إليه كتابًا يحثه فيه على توحيد صف المسلمين والتفاوض فيما بينهم من خلاف فلم يُجب، فكانت تلك النخوة لزامًا للإمام مع أنصاره وخصومه على حد سواء.
الفكرة من كتاب عبقرية الإمام علي
“لقد تربى علي بن أبي طالب في البيت الذي خرجت منه الدعوة الإسلامية، وعرف العبادة من صلاة النبي وزوجه الطاهرة قبل أن يعرفها من صلاة أبيه وأمه”.. يتناول العقاد شخصية الإمام علي بالدراسة والتحليل من جهة الفكر تارة، ومن جهة العاطفة تارة أخرى، فهو الإمام ذو الفطنة؛ فعلمه غزير وقوله فصل وحكمه عدل ونطقه حكمة، وهو الفقيه الزاهد الثابت على الحق، رابع الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشرين بالجنة.
مؤلف كتاب عبقرية الإمام علي
عباس محمود العقاد: أديب ومفكر وصحفي وشاعر مصري، يعدُّ أحد أهم كتَّاب القرن العشرين، ساهم على نحو كبير في الحياة الأدبية والسياسية، ومنحه الرئيس جمال عبد الناصر جائزة الدولة التقديرية في الآداب، غير أنه رفض تسلمها كما رفض الدكتوراه الفخرية من جامعة القاهرة.
من أهم مؤلفاته: “سلسلة العبقريات والفلسفة القرآنية والتفكير فريضة إسلامية وأنا” وغيرها من الكتب، وله رواية واحدة بعنوان “سارة”.
ولد العقاد في أسوان عام 1889م، وتوفي في القاهرة عام 1914م، بعد أن أثرى المكتبة العربية بأكثر من مائة كتاب في مختلف المجالات.