نسبة علم التدبر إلى العلوم وحكمه ووضعه
نسبة علم التدبر إلى العلوم وحكمه ووضعه
بعد معرفة معنى التدبر لغةً واصطلاحًا نلاحظ أن علم التدبر جزء مهم من علوم القرآن لا ينفك عنه، فإن الناظر في قول الله تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾، وقوله تعالى: ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾، يجد كلامًا لم يوجد مثله من قبل يثبت أن القرآن هو أصل الأصول كلها، فإن منزلته أعلى وأشرف من أن ينظر إلى غيره من الكتب البشرية.
لقد بدأ علم التدبر منذ القدم تزامنًا مع نزول القرآن الكريم، حيث أُنزل ليعمل به، ولا يمكن أن يعمل الإنسان بشيء لا يفهمه، ولهذا حين نتأمل في القرآن الكريم نجد ارتباطًا وثيقًا بين المعرفة والفهم والتدبر، ومثال ذلك قوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَىٰ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ ۖ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾، فإن النظر في سياق هذه الآيات يبين أن المعرفة والفهم للحق أديا إلى العمل بفيض الدموع وبأن صدقوا وآمنوا، وكل هذا من أثر التدبر.
لقد كان للشرع حكم في التدبر، حيث أجمع على أنه واجب على أهل الإيمان، لأنه أساس الانتفاع لهم، ويشير الكاتب إلى أن أهل القرآن في التدبر أربعة أنواع؛ النوع الأول تدبر العلماء هو قائم على الربط بين علومهم الشرعية واللغوية لتساعدهم على الفهم العميق واستخراج جوهر القرآن، وهذا واجب عليهم وفرض كفاية، أما النوع الثاني فهم أهل التخصُّص في العلوم المتنوعة مثل الفن والطب والسياسة وغيرها، حيث يساعدهم التخصص في الوقوف على أمور لا يدركها غيرهم من جهة تخصصهم.
أما النوعان الثالث والرابع فيضمان تدبر عامة المسلمين وتدبر أهل الإيمان، فتدبر عامة المسلمين يقوم على ما يمكنه فهمه من كتاب الله والعمل به، ويدخل في حكم الواجب على جميع المسلمين بحسب الاستطاعة، أما تدبر أهل الإيمان فيبنى على التقوى والزهد والورع عندما يرتفع الإيمان في النفس، وهذا النوع مستحب لاختلاف الناس في درجات الإيمان.
الفكرة من كتاب مبادئ تدبُّر القرآن الكريم
أكرم الله أمة محمد (ﷺ) بالقرآن، رفعة لهم في الدنيا والآخرة، وأجرى على لسان رسوله الكريم أن طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، فإن التمسُّك به نجاة والإفلات مهلكة.
لكنْ تمسك المسلمون بالقرآن على فروع التلاوة والحفظ فقط، وفقدوا أهم الفروع وهو التدبُّر، وغاب عنهم وهو الفعل الحقيقي لتذوق معاني القرآن والعمل به، وفي هذا الكتاب يوضح الكاتب بداية طريق التدبر ليساعد على فهم القرآن الكريم والتمسك به.
مؤلف كتاب مبادئ تدبُّر القرآن الكريم
عبد المحسن بن زبن المطيري: أستاذ مساعد بقسم التفسير والحديث بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت، له العديد من المقالات والمؤلفات، ومن أهم مؤلفاته:
الأدلة الجلية على صدق خير البرية.
اليوم الآخر في القرآن الكريم والسنة النبوية.
دعاوى الطاعنين في القرآن الكريم في القرن الرابع عشر الهجري والرد عليها.