نحو فنٍّ فريد
نحو فنٍّ فريد
يوجه العمل العميق (العمل الفني) تركيزه نحو الوصول إلى أقصى ما يمكن من قدرات الشخص الذهنية أو الجسدية، أما وهم الإنجاز فلا يلتفت إلا لتكرار البديهيات التي يتوهم الإنسان منّا أنها ذات قيمة أو أن لها تأثيرًا واضحًا فينا أو في الآخرين.
ففي العمل العميق نهتم برؤية ما يصل إليه الشخص، ولا نرى ما بذله خلال سعيه في الطريق حتى وصل، أما في “وهم الإنجاز” فإننا نرى عملًا ولا نرى نتيجته، وإن أهم ما يميّز العظماء أو الأشخاص المميزين حقًّا قدرتهم على المثابرة والصبر والانضباط، بداية من الهدف الذي يسعون إليه حتى تنفيذه، وتزداد مشقة الانضباط كلما كثرت المؤثرات والمشتتات التي تحيد بنا عنها، ويُلخص لنا الكاتب حل مشكلة التشتيت هذه في سلوكيات أربعة؛ عدم فورية الإشباع، وتحمل المسؤولية، والتركيز على الحقيقة، والموازنة بين الأمور،
ومن البديهي أن الأعمال العميقة التي تصل إلى درجة الإبداع، يختبئ وراءها الكثير من الجهد والعمل على معالجة الأخطاء الواردة فيها، والتركيز على عدم تكرارها، مع الأخذ في الاعتبار أن الوصول إلى المثالية المطلقة أمر صعبٌ لا يمكن أن يحصل، وبالنظر إلى تعريف العمل الإبداعي، نقول بأنه عملٌ فريد لم يأتِ به أحدٌ أو على الأقل لم يُنشر للعامة، وهذا الإبداع إنما يكون بارتباطٍ بين الفكرة والمحتوى، فيخرج لنا عملًا مميزًا يمتعنا ويفيدنا ويساعد هذا المبدع في حياته أيضًا.
اختصارًا.. إن الارتباط بين الإبداع والعمل العميق يأتي من خلال محاولة خلق الجديد، والصبر عليه، وبذل الجهد حتى يظهر.
الفكرة من كتاب وهم الإنجاز: كيف يتحرك العامة وماذا يحفزّهم؟
شروعك في قراءة هذه الأسطر الآن دليل مبين على أن أمر الإنجاز يشغلك، فمن منّا لا يريد أن يكون منجزًا في حياته؟ ولكن، هل فكرنا يومًا هل ما يشغلنا بالفعل الإنجاز في ذاته أم مجرد الشعور بالإنجاز؟
لا تخفى علينا جميعًا حقيقة أننا البشر نميلُ بطبيعتنا إلى كسب أكبر قدرٍ ممكنٍ من كل ما نريد، دون رغبةٍ حقيقةٍ منّا ببذل مجهودٍ يذكر في سبيل ذلك، فنبحث عن أسهل الطرق لأداء كل شيء، ونُخلّد إنجازاتنا الماضية ونعيش على أثرها دون رغبةٍ في إنجاز المزيد. يتناول الكاتب مسألةً أسماها “وهم الإنجاز”، وهي تعادل في نظره مجرد الشعور بالإنجاز، وليس العمل الحقيقي الملموس واقعيًّا، يعرض لنا القضية ويفصلها في جزأين من الكتاب، ويحاول في الجزأين الآخرين أن يعالجها، لعلّنا نصلُ بصحبته إلى نقطة انطلاقٍ تغيّر مِنّا وفينا إلى الأفضل.
مؤلف كتاب وهم الإنجاز: كيف يتحرك العامة وماذا يحفزّهم؟
أحمد مُشرف: مدّون ومؤلف سعودي معاصر، بلده الأصلي المدينة المنورة، وإقامته الحالية بمدينة جدة، مؤسس شركة “توثيق” المتخصصة بتوثيق الخبرات والتجارب، يهتم بالكتابة عن سيكولوجية الإنسان، وعن الفن والفنانين، له مدونة إلكترونية تحمل اسم amoshrif.com.
من مؤلفاته:
ثورة الفن: كيف يعمل الفنان وكيف يعمل الآخرون؟
مدوان: عن العمل والفن وسيكولوجيا الإنسان.
مئة تحت الصفر: عمار أحمد شطا.. تحولاته ودروسه وعن مستقبل الأجيال.