نحو سياسة معلوماتية عربية
نحو سياسة معلوماتية عربية
لا يحتاج الأمر إلى كبير عناء لإدراك أن العالم العربي لن يتحمَّل تكلفة التخلُّف عن ركب التقدم التكنولوجي، ولذا عليه أن يضع سياسة واضحة للتعامل مع الطوفان الرقمي القادم، بدلًا من تجرُّع اليأس في انتظار قدرنا المحتوم عبر تأجيل المشكلات ومحاولة امتصاص الصدمات، لا سيما أن المدخل المعلوماتي يمكن أن يشكِّل مدخلًا قويًّا للتعاون المشترك وتحقيق الاندماج في كيان عربي متكامل، فالمعلومات هي أساس أي تكتُّل مستقبلي سواء كان سياسيًّا أو اقتصاديًّا أو عسكريًّا، لا سيما في ظل وجود عدو متربِّص ويسعى حثيثًا ليكون الرائد في مجال المعلومات.
واتساقًا مع التغيرات الحادثة على المسرح الدولي، فإن المعلوماتية اليوم هي صناعة قائمة بذاتها لذلك فهي عنصر أساسي في أي تنمية مستقبلًا، كما تتجه الاقتصادات اليوم إلى الدخول طوعًا في بوتقة التكنولوجيا عبر ما بات يُعرف بالاقتصاد التكنولوجي ومنتجاته المختلفة من السلع الذكية والعملات الرقمية والخدمات الإلكترونية، وفي ظل التحديات الأمنية المعاصرة والحروب السيبرانية المتصاعدة، وفي ظل عدو يمتلك من أساليب التكنولوجيا الشيء الكثير يصبح الاتجاه ناحية إحلال التقنيات الجديدة محل المتقادمة ضرورة أمن قومي لا حياد عنها.
وقد بات المكوِّن المعلوماتي اليوم قاسمًا مشتركًا في الجوانب الإنسانية المختلفة، كما أنه يتيح نوعًا من المشاركة المجتمعية لدى صناع القرار بفعل التقدُّم الكبير في وسائل الإعلام والتواصل الرقمي، ما جعل دول العالم تتسابق لحجز مكانها، ففرنسا شرعت في إدخال الحاسوب للمدارس منذ مطلع الثمانينيات، وكوريا الجنوبية أنشأت ما يعرف بكونجرس تنمية التكنولوجيا المتقدمة الذي يخضع للرئيس مباشرةً، أما تايوان فقد لجأت إلى إنشاء وادي السيلكون الآسيوي أسوةً بوادي السليكون الأمريكي، أما البرازيل فعمدت إلى العمل على تدشين صناعة إلكترونية متقدمة بالتوازي مع الصناعات الخاصة بالاقتصاد التقليدي فأنشأت بذلك ما يعرف بازدواجية الاقتصاد.
الفكرة من كتاب العرب وعصر المعلومات
لا يخفى على أحد اليوم مدى تردِّي الأحوال التي آلت إليها الدول العربية على جميع المستويات، وفي ظل مستقبل يرتكز بصورة أساسية على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يصبح هذا الكتاب بمثابة ناقوس للخطر، استشرافًا للمستقبل العربي في ظل عصر التحولات والطوفان التكنولوجي القادم.
مؤلف كتاب العرب وعصر المعلومات
الدكتور نبيل علي: رائد معالجة اللغة العربية حاسوبيًّا وتعريب نظم المعلومات على المستويين العربي والعالمي، وحاصل على دكتوراه في هندسة الطيران، كما أن له أكثر من 15 دراسة في مجال التنمية المعلوماتية بالوطن العربي لمنظمات أليكسو، والإسكوا، واليونسكو، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، كما أن له عدة كتب في مجال المعلوماتية منها: “اللغة العربية والحاسوب”، و”الثقافة العربية وعصر المعلومات”، و”تحديات عصر المعلومات”.