نحن نتقدَّم لكنْ هل تساءلنا إلى أين؟
نحن نتقدَّم لكنْ هل تساءلنا إلى أين؟
لا شكَّ أننا نشهد في هذا العصر تطوُّرًا تكنولوجيًّا كبيرًا، لكن مع تسهيله حياة الإنسان فقد ملأها بمدخلات كثيرة لم يعُد معها الفرد قادرًا على تحديد تأثيرها فيه، فالعولمة جعلت اهتمام الناس بالمصلحة الخاصة على حساب العامة، فسهَّلت التنازل عن المبادئ في سبيل المنفعة الذاتية العاجلة فنَسِيَ الإنسان أسرته ومجتمعه وحتى نفسه!
ونشرت العولمة في كثير من الناس خُلق “الصفقة” فأصبحت العقائد والثوابت قابلة للبيع والشراء في مقابل ما يُسمى بـ”فرصة العمر”، وتم تهميش الجانب الروحي وما يتطلَّبه من أخلاق حميدة وجعله في ذيل الاهتمامات. وهذا مخالف لرؤية الإسلام للرقي الحضاري، فهو يريده ذا طابع روحي بالمقام الأول لأن سعادة المسلم الحقيقية لا تأتي مما حوله من أشياء، بل تنبع من تقرُّبه من ربه وبالانتصار على الأهواء والمغريات.
ولذا فأولى خطوات الخروج من دائرة تأثير العولمة هي الوعي بالذات وبمدى تأثُّرها، ثم البدء في التعرُّف على الخصائص الذاتية من مهارات وقدرات وتحديد الفرص المناسبة لها، وهذا الاستثمار في معرفة النفس هو أفضل استثمار لأنه ما يميِّز الناجح عن المُخفِق الذي يكون دومًا في حالة تخبُّط وحيرة، ويرى أن الساحة مزدحمة ولا مكان له، والوعي بالذات يبدأ بضبط الأفكار ومن ثم ضبط المشاعر والأنشطة.
الفكرة من كتاب اكتشاف الذات: دليل التميز الشخصي
إن الإنسان في الرؤية الإسلامية هو مركز الكون، حيث إن الله سخَّر له كل ما يصل إليه في السماوات والأرض، وهو عليه أن يستغلَّ ذلك لمعرفة ربه أكثر من خلال معرفة نفسه، حيث يدرك عجزه عن الإحاطة بكل ما حوله، وأنه لا يزال يكتشف المزيد من العلم كل يوم، لا أن يغرق في دائرة الاستهلاكية فينسى نفسه وربه.
والأمة الإسلامية لا تملك الكثير من الثروات المادية لكنها تملك المنهج الرباني الأقوم والثروة البشرية، ولذا كان هذا الكتاب لإعادة توجيه المسلم إلى ما ينفعه.
مؤلف كتاب اكتشاف الذات: دليل التميز الشخصي
عبد الكريم بكار: أحد أبرز المؤلفين في مجالات التربية والفكر الإسلامي، وُلِد في سوريا سنة 1951م، واختصَّ في دراسته بقسم اللغة العربية وتحديدًا في حقل اللغويات، وحصل بعد ذلك على الماجستير في اللغة العربية، ومن ثم الدكتوراه.
من مؤلفاته: “العولمة”، و”العيش في الزمان الصعب”، و”تشكيل عقلية إسلامية معاصرة”.