نجاح العملية الأولى.. وآفة الغرور
نجاح العملية الأولى.. وآفة الغرور
بدأ الطبيب في الاستعداد بشراء آلات الجراحة وقراءة كتب عمليات التربنة للقيام بالعملية في الصباح، لكن مشكلة أخرى ظهرت في أنه فوجئ بأن زميله لن يحضر لمرض مفاجئ، وها هي أعصابه تتهاوى مجددًا وسط وجود حشد كبير متجمِّع حوله، والخوف يتملَّكه من الفشل في أولى عملياته وحده.
أخيرًا، قرَّر الطبيب أن يقوم بالعملية، وقام بشَقِّ الجلد بعد أن خدَّره التُومرجي، وبدا أن الوضع يسير، وأتم عمليته بنجاح على الرغم من أنه لم يمر بليلة يسيرة بسبب أوهام ظهور مضاعفات للعملية أو أخطاء، بل إنه قد قضى نحو يومين بجانب الطفل المريض يطمئن عليه ويقيس حرارته بنفسه، وبعد نحو سبعة أيام تحسَّنت حالة الطفل، وخرج الطبيب منتصرًا وصيته قد ذاع، بل إنه أخذ عشرين جنيهًا كاملةً في وقت كان راتبه الشهري فيه ثلاثين جنيهًا.
في موقفٍ آخر يتذكَّره طبيبنا الشاب في الأيام الأخيرة الحارة من شهر يونيه، حينما أقبل هو وزملاؤه على ركوب القطار بأعجوبة بعد أن كان أغلبه محجوزًا لصالح أحد رجال السلك السياسي، وقد تعلَّم درسًا لم ينسَه طيلة حياته حين صغرت نفسُه وضاع غروره وكبرياؤه بظنِّه أنه بتلك المجلدات الضخمة ودراسة الطب ومعرفته ببعض الأدب أنه على قدر عالٍ من الثقافة، فلما دخل في حوار مع ذلك الرجل الوقور وجد نفسه قزمًا أمام ذلك العملاق الذي امتلك معرفةً جيدة بمختلف العلوم والفنون، وقد تحدَّث ذلك الرجل إليهم في بعض أموره خصوصًا تلك المتعلِّقة بالفساد والرشوة في البلاد، وإشارته إلى أن الرشوة منتشرة حتى عند السلطان العثماني الذي قبلها من الخديوي إسماعيل.
الفكرة من كتاب يوميات طبيب في الأرياف
تخرَّج طالب الطب أخيرًا ليكون طبيبًا بحق بعد رحلة طويلة من عناء الدراسة والامتحانات الشاقة، ومن الكتب والتحصيل والمجلدات، ها هو ينتقل أخيرًا إلى الحياة العملية بكل جوانبها، ويحكي صاحب هذا الكتاب رحلته كطبيب في أيامه الأولى عند استلامه العمل في إحدى قرى الريف، فرأى من حلاوة العيش ما رأى، ومن مرارة الحياة أيضًا وصعوبتها ومشاقِّها، ليضع في هذا الكتاب خبرة وعبرة للطبيب الناشئ بشكل خاص، وللجميع عامةً في مواجهة الحياة.
مؤلف كتاب يوميات طبيب في الأرياف
دمرداش أحمد: طبيب ومؤلف مصري، مارس مهنة الطب في بداية حياته في الأرياف واستمر لنحو عشرين عامًا.