ناقل الشائعة وحجة السلطة العليا
ناقل الشائعة وحجة السلطة العليا
جميع التجارب التي أُجريت على الفاعلية الإقناعية لأي عملية تواصل، سلَّطت الضوء على أهمية المصدر، وهناك مجموعة من العوامل تجعلنا نثق بالمصدر، مثل الخبرة والصدق والنزاهة، ومن ثمَّ فإن المعلومة تردنا دائمًا من طريق الخبراء في الموضوع أو الشهود المباشرين لها، وبناءً على ذلك عندما يشعر ناقل الخبر أن روايته للواقعة ليست مقنعةً أو مشكوك فيها، فإنه يلجأ مباشرةً إلى حجة السلطة العليا، فيزعم أنه ينقل المعلومة من خبير أكثر اطلاعًا على المصدر المزعوم، ولا أحد يشك في صدقه ونزاهته، وسبب استعانة ناقل الخبر بحجة السلطة العليا راجع إلى أن هدفه هو إقناعنا، ومن ثمَّ فإن ناقل الشائعة ليس حياديًّا، إذ لا يكتفي بذكر المعلومة فقط، بل يورِّط نفسه في نشر المعلومة لأنه يعتبرها ملكًا له، وبالتالي أي تشكيك فيها يُعدُّ مساسًا بشخصه، وبناءً على ذلك فإنه في سبيل عملية الإقناع تتخذ الشائعة صيغتين، الأولى “بحسب هذا المصدر المطلع”، وتعتمد هذه الصيغة على ذكر مصدر جدير بالثقة ولا شك في نزاهته، والثانية “قيل إنَّ”، وهي دعوة ضمنية للانضمام إلى المجموعة التي ينتمي إليها ناقل المعلومة في حال غياب المصدر.
ومثال ذلك: إذا غاب رئيس الدولة عن الظهور لفترة ما، فيشيع خبر أن رئيس الدولة مريض جدًّا، وحتى يثبت ناقل المعلومة حقيقة مرض الرئيس، فإنه يلجأ إلى حجة السلطة العليا، أي الخبير ليكون قوله مقنعًا وغير قابل للتشكيك فيه، فيقول: علمت بخبر مرض الرئيس من زميلي الذي يعمل صديقه في المستشفى الذي نزل به الرئيس، وقد رأى بأم عينه الرئيس عند دخوله المستشفى، وبناء على ذلك فإن ناقل الشائعة لا يكون قد التقى فعليًّا بالخبير أو الشاهد المباشر للحدث، أي مصدر المعلومة، ومع ذلك يذكر أنه يعرف شخصًا ما تمكَّن من مقابلة الخبير أو الشاهد، ومن ثمَّ فإن الشاهد الأول يكون قريبًا منَّا ولا يفصله عنَّا إلا وسيط واحد، فهو قريب وبعيد المنال في نفس الوقت، وهذا القرب يزيد من قيمة المعلومة ويجعلها خبرًا ساخنًا شبه سرِّي، بينما البُعد يُعدُّ حاجزًا يمنعنا من إمكانية التحقُّق من صحة المعلومة، ومن ثمَّ فإن المسألة لا تتعلَّق بصحَّة الشائعة، وإنما بتصديقها.
وحتى تكتمل عملية إقناعنا بالمعلومة، فإن ناقل الشائعة لا يتوجَّه إلا إلى الأشخاص الذين يعتبرونه شخصًا موثوقًا به، لأن تصديقنا للمعلومة يتوقَّف على صدق ونزاهة ناقل المعلومة من خلال صحة ما زوَّدنا به من معلومات سابقة، وكلما كبرت الشائعة وانتشرت وتلقَّيناها من عدَّة أشخاص، فإننا نستنتج أنها معلومة صحيحة.
الفكرة من كتاب الشائعات… الوسيلة الإعلامية الأقدم في العالم
يستعرض الكتاب نشأة الشائعات ووظيفتها التي تقوم بها، وسبب انتشارها وتصديق الناس لها، ويذكر أنواعها، والقائمين على ترويجها، وكيف يتم تعطيل فاعليتها، فيأخذنا في جولة ممتعة خلال الكتاب، تبدأ من لحظة ظهور الشائعة ومصدرها، إلى زوالها وانتهاء دورها أو القضاء عليها.
مؤلف كتاب الشائعات… الوسيلة الإعلامية الأقدم في العالم
جان نويل كابفيرير: هو أحد المختصين في العلامات التجارية، وأحد مروِّجي المفاهيم الأساسية لإدارة العلامات التجارية الحديثة، له أحد عشر كتابًا عن الاتصالات والعلامات التجارية، منها:
The Luxury Strategy: Break the Rules of Marketing to Build Luxury Brands.
The New Strategic Brand Management: Advanced Insights and Strategic Thinking.
Strategic Brand Management: new approaches to creating and evaluating brand equity.
معلومات عن المترجمة:
تانيا ناجيا: مترجمة.
ومن ترجماتها:
تسلية الأذكياء.
الأسبرين: قصة استثنائية لعقار أعجوبي.