مُقدِّمة قبل المُذكِّرة
مُقدِّمة قبل المُذكِّرة
يشرح المُقدِّم للكتاب حقيقة الرحلة، ومدى الصواب والخطأ فيها، وذلك لأن ليون روش أظهر إسلامه ولكنه لم يكن مُسلمًا، فذكر بعض الأمور الخاطئة في وصفه وشرحه لبعض الأماكن والشعائر، وذلك مثل وصفة للحُجرة النبوية الشريفة، فقال: “يُسمى المكان الذي يُحيط به السياج الهجرة، وسمي بذلك تذكارًا لهجرة النبي (صلى الله عليه وسلم)”، والحقيقة أنها ليست “هجرة” وإنما “حجرة” بمعنى بيت ولا علاقة لها بكلمة هجرة.
بل ذكر بعض المُغامرات الخيالية التي من الصعب أن يقوم بها، والتي يبدو وكأنه كتب مذكراته بعد زمن من رحلته فاختلط عليه كثير من الأمور، ودخل العنصر التخيلي في كثير من رواياته.
إن روش ادَّعى الإسلام ليتجسَّس على الأمير عبد القادر أولًا، واقترب منه جدًّا ولازمه في حروبه واجتماعاته، حتى أرسله الأمير ليتعلَّم الدين الإسلامي على أيدي العُلماء، وبعد أن توتَّرت العلاقات بين الأمير عبد القادر وفرنسا؛ رجع روش إلى الفرنسيين وقد جمع الكثير من أسرار الأمير، فصار معروفًا أنه جاسوس بين الجزائريين المقاومين.
ثم أرسلته فرنسا بعد ذلك إلى علماء تونس ومصر والحجاز بالفتوى التي تنصُّ على أن الجهاد ضد الفرنسيين من باب إلقاء النفس إلى التهلكة، وتحثُّ المُسلمين على الإعراض عن المقاومة وقبول السيطرة الفرنسية، مقابل أن تتعهَّد فرنسا باحترام مؤسساتهم الدينية والقضائية.
وبالفعل فقد نجح روش في مهمَّته نجاحًا باهرًا، فحصلت الفتوى على مصداقية العُلماء على الرغم من المخاطر التي كانت تحف الرحلة، فقد تفانى ليون روش لخدمة فرنسا، ثم عُيِّن وزيرًا مفوَّضًا في اليابان وفي المغرب، ولهذا هناك الكثير من شهادات كِبار بلده له على ما بذل لأجل فرنسا.
الفكرة من كتاب اثنتان وثلاثون سنة في رحاب الإسلام – مذكرات ليون روش عن رحلته إلى الحجاز
يروي ليون روش في مذكراته رحلته إلى بلاد الشرق، وحجته إلى مكة المكرمة، وذلك ضمن رحلته التي كُلِّف بها من قِبل الحاكم العسكري الفرنسي للجزائر، إذ كُلِّفَ بالسفر إلى تونس ومصر والحجاز لأجل فتوى تدعو الجزائريين إلى قبول الحُكم الفرنسي مُقابل أن يحترم هذا الحُكم دينهم وعاداتهم وتقاليدهم.
فسافر روش حاملًا تلك الفتوى ليحصل على مُصادقة علماء جامع الزيتونة بتونس، وعلماء الأزهر في مصر، وعلماء المُسلمين في الطائف بالحجاز، فقد كانت الطائف مقر الشريف الأكبر شريف مكة المُكرمة حينها، وعندما وصل الحجاز كان موسم الحج، فأراد حضور شعائر الحج، ودوَّن في مذكراته كل ما كان يعتقده مهمًّا لأهل بلده -فرنسا- ليكون توثيقًا لحال المُسلمين في البلاد التي زارها، وتوثيقًا للأماكن والبُقع المُباركة.
مؤلف كتاب اثنتان وثلاثون سنة في رحاب الإسلام – مذكرات ليون روش عن رحلته إلى الحجاز
ليون روش: مترجم وسفير فرنسي، ولد في فرنسا عام 1809م، وقد شارك والده في الحملة الفرنسية على الجزائر عام 1830م، فلما استوطن في الجزائر دعا ولده للالتحاق به، فعاش ليون روش مع والده، فتعلَّم العربيَّة وخالط أهل الجزائر، وتولَّى الترجمة في الإدارة الفرنسية، ثم التحق بالأمير عبد القادر مُتجسِّسًا لصالح الحملة الفرنسية، فأعلن إسلامه وسُمِّي بـ”عمر بن عبد الله”، ورافق الأمير في كل تنقُّلاته ورحلاته، ولما قامت الحرب بين الأمير وفرنسا انشقَّ عن الأمير والتحق بالسلطة الفرنسية.
من مؤلفاته:
Trente-Deux ANS a Travers l’Islam (1832-1864)
معلومات عن المُترجم (المُقدِّم):
محمد خير محمود البقاعي: باحث ومحقق ومترجم سوري، ولد عام 1956م، ترجم عن اللغة الفرنسية، وقام بتحقيق عدد من دواوين الشعراء العرب القدامى، وحصل على جائزة الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة في دورتها التاسعة وذلك عام 2018.