مُربية الملِك.. ورحلة إلى السليمانية
مُربية الملِك.. ورحلة إلى السليمانية
كان فيصل طفلًا جريئًا، ففي أولى جولات إليزابيث معه على الزورق الملكي في نهر دجلة، خطف قبعة آمر الحرس الملكي عبد الوهاب بك، ليرميها في النهر ضاحكًا أمام انزعاج عبد الوهاب، وقد وجدت أن فيصلًا ذو قابلية في التأقلم مع بيئات وصداقات جديدة، خصوصًا وأنها لم تجد مشكلة أبدًا في علاقتها به، لكنها كانت تستغرِب من عدم معاملة العائلة المالكة له بطريقة معقولة تناسب الوضع الحالي لطفل صغير مات أبوه وأصبح فجأةً أصغر ملك لدولة كبيرة، فكيف فوّت الملك غازي مثل هذا الشئ؟
وتتذكر لمَّا اتَّجهت وتلميذها الملك مع العائلة والخَدَم في رحلةٍ إلى مدينة السليمانية في جبال كردستان حين كان الجو حارًّا، ولم تكن غرف البيتِ معزولةً بشكل يسمح بإعطاء فيصل دروسَه في خصوصية، لكنَّ الهواءَ كان نقيًّا ومظهر الأكراد في عمائمهم المزركشة وردائهم المميز رائعًا، وقد علِمَت بعد ذلك أنهم من أصول هندو-أوروبية بعد أن اندهشت من أنَّ بعضهم يمتلكون عيونًا زرقاء.
قضت العائلة نحو شهرين في السليمانية ثم طُلب من إليزابيث مرافقة زوجة الوصيّ عبد الإله، وهي المصرية ملك فيضي، ليتجها إلى قصر الرحاب ببغداد، وهي التي طُلقت من عبد الإله بعد سَفَرِها إلى القاهرة، وربما السبب هو عدم حمْلها بطفل له، وقد شعرت إليزابيث بالأسى نحوها لعُزلتِها وازدرائها من قِبَل حماتها في القصر، لكنها سعدت بعودة حريتها إليها، فربما كانت أكثرهم حظًّا لأنه لولا طلاقها لما نجت من المذبحة القادمة “مذبحة سنة 1958”.
الفكرة من كتاب ملك العراق الصغير.. فيصل الثاني
في الساعات الأولى من يوم 14 يوليو لعام 1958م، فوجئ العالم أجمع بخبر سقوط الحكم الملكي الهاشمي بالعراق وإعلان العهد الجمهوري، ولم يكن ذلك الحدث عاديًّا كأي ثورة أو سقوط لنظام حُكم، فلقد شهِد عملية قتل جماعي لجميع أفراد العائلة المالكة بمن فيهم ملك العراق الأخير الشاب فيصل الثاني.
وبما أن التاريخ يكتبه المنتصرون، فلم تُتح اللحظة للنظر في تاريخ وشخصية هذا الملك الصغير الذي انتقل الحكم إليه وهو في عامه الثالث ليصبح أصغر ملك في العالم، وقد تطلَّب الأمرُ نحو خمسين عامًا لكي يقوم شخصان بنشر مُذكراتهما، كونهما أقرب فردين للملك الصغير آنذاك، وهما إليزابيث موريسون، المُربية الأولى لفيصل ويُكنّى اسمها بـ”بتي Betty”، ومايكل آرنولد صديق فيصل في طفولته.
مؤلف كتاب ملك العراق الصغير.. فيصل الثاني
إليزابيث موريسون: هي معلمة إنجليزية عملت مُربية ومُعلمة للملك فيصل الثاني في صغره لأكثر من عامين.
مايكل أرنولد: هو كاتب أيرلندي الأصل، انتقل إلى العراق خلال الحرب العالمية الثانية مع احتلال ألمانيا النازية لبولندا، وأصبح صديقًا مقربًا للملك فيصل الثاني في طفولتيهما، وقد ألف كتاب “لعبة النرد.. رحلة صبي عبر ثلاث ثقافات”.
معلومات عن المترجم:
علي أبو الطحين:كاتب ومترجم عراقي، اهتمَّ بإعداد وجمع الُمؤَّلفات والمُذكِّرات ذات العلاقة بالحُكم الملكيّ الهاشمي في العراق، ومن أهم أعماله كتاب العائلة المالِكة في العراق، الذي تضمن مجموعة من الصور الفوتوغرافية النادرة التي نجت من الحرب، وتدمير قصر الزهور بعد الاحتلال الأمريكي.