مُخادعات
مُخادعات
في حياتنا كثيرٌ من المخادعات النفسية التي تسرق منا السوية والطمأنينة؛ منها الدعوة إلى القبول غير المشروط المتمثلة في العبارة “اقبلني كما أنا”، التي يغفل من يتبناها عن معانٍ كثيرة مثل إهمال احتياجات الآخرين، ودفعهم إلى تقبل الإساءة، وتقبل الخطأ وضياع المبادئ كما في الدعوة إلى تقبل الشذوذ الجنسي. كما أن الآباء الذين يتبعونها بشكلٍ مطلق مع أبنائهم يُربون أفرادًا بلا انضباط ذاتي لا يُبالون بالقواعد الدينية والاجتماعية، ومن يتبنونها مع أزواجهم باحثين عن الحب الأعمى ينسون أن الحب البشري مبني على تسديد احتياجاتٍ فسيولوجية ومادية وفكرية وسلوكية ونفسية ينبغي البحث عن التوافق فيها.
وعلى ذكر الزواج والعلاقات عامةً، نجد مخادعة أخرى انتشرت وهي كثرة الشكوى من النرجسية والعلاقات السامة، بغيرٍ فهم حقيقي لمعناها، وصار الوصف يُطلق على كل زوجٍ قصر في شيءٍ من واجباته وكل صديق انشغل عن أصدقائه، واستغل بعض المشتغلين بالصحة النفسية أو التنمية البشرية ذلك بتعزيز عقلية الضحية في الناس طلبًا للشهرة السريعة؛ وتهدمت العلاقات وتعلق الناس بوهم الكمال في أشخاصٍ آخرين، مع أن حقيقة النرجسية بما فيها من أنانية وكِبر والعلاقات السامة بما فيها من إيذاء لا تنطبق على معظم ما نواجهه، ونسبتها في الولايات المتحدة لا تتعدى 6% وهي عالية مقارنة بالدول الأخرى.
ومن المخادعات إهمال بعض الناس لتفرد شخصياتهم ولرسم أهدافٍ والسعي لتحقيقِ نجاحٍ متزنٍ في حياتهم بجوانبها الدينية والصحية والاجتماعية والثقافية والمهنية والترفيهية، وذلك السعي تعترضه عوائق تبث في الناس خوفًا من الفشل فيلجؤون إلى الحيل الدفاعية النفسية مثل إنكار المشكلات، وقمع الأفكار التي تُبين أخطاءهم، والإسقاط بالتهرب من المسؤولية، وإزاحة الأفكار العدوانية إلى شخصٍ ضعيف، والتبرير، وغيرها.
ومن المخادعات أيضًا ادعاؤنا أن الأفلام والألعاب الإلكترونية ما هي إلا ترفيه مباح، والحقيقة أن معظمها إفسادٌ للعقلِ وللفطرة؛ فحين ننظر إلى الأنمي مثلًا نجد أشهر الأنميات لا تخلو من تعاطف مع الشر وسخرية من الدين وإيحاءات جنسية وتطبيع مع الشذوذ، أما الألعاب الإلكترونية فأشاعت العنف وبعضها وصل بالشباب إلى الانتحار مثل الحوت الأزرق، لذا لا بد لنا من صدق مع النفس ودقة شديدة في اختيار ما نشاهد.
الفكرة من كتاب لصوص الصحة النفسية أين ذهبت الطمأنينة والسوية النفسية؟
نواجه في حاضرنا كثيرًا من لصوص الصحة النفسية، الذين يسرقون السوية والطمأنينة من حياتنا، ويستهدفون الشباب بخاصة. وإذا توجهنا إلى مختصي الصحة النفسية طلبًا للعلاج وجدنا كثيرًا منهم يسرقون من صحتنا النفسية أيضًا!
وهنا نحدثكم عن بعض أولئك اللصوص وكيف ينبغي لنا أن نتعامل معهم، ونروي شيئًا من حكايات التعافي المختلفة عما هو شائع عند لصوص الصحة النفسية.
مؤلف كتاب لصوص الصحة النفسية أين ذهبت الطمأنينة والسوية النفسية؟
نور النومان، اختصاصية نفسية وتربوية، وباحثة أكاديمية في مجال التربية والصحة النفسية. تخرجت في كلية التربية بجامعة دمشق، وحصلت على دبلوم تربوي عام، وماجستير في الصحة النفسية من معهد البحوث والدراسات العربية.