مَن توَّكل على الله كَفاه
مَن توَّكل على الله كَفاه
من آمن بقضاء الله وقدره سَكَن قلبُه، والله -عز وجل- رحيم بعباده، يريد بهم اليسر ولا يُريد بهم العسر، وقد كان من أعظم الراضين بما كتب الله عليهم سيدُنا أيوب عليه السلام، إذ ابتُليَ في جسده وماله وولده، واستمر بلاؤه لأعوامٍ طويلة، فلمّا اشتد به الحال تضرع إلى ربه: ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾، فسمع الله نداءه ولبَّى دعوته، وها هي السيدة هاجر لما تركها سيدنا إبراهيم -عليه السلام- مع ولدها في وادٍ غير ذي زرع، كان أول ما سألته عنه: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم. فسَرعان ما جاء ردها بثقة: إذًا لا يُضيعنا.
وفي ما ذُكِر على لسان المُعاصرين عن التوكُّل، يحكي رَجل أنه دخل يومًا المسجد في غير وقت الصلاة، فوجد فتًى سنه قرابة عشرة أعوام يُصلي بخشوع داخل المسجد، فلما انتهى الفتى من صلاته، ذهب الرجل إليه ليسأله عن والديه، فحكى له أنه يتيم لا أب له ولا أم، فرَقَّ قلب الرجل وعرض عليه أن يكون ابنًا له، وهُنا سأله الغُلام: هل تُطعمنى إذا جُعتُ وهل تكسوني؟ أجابه: نعم. فسأله بعدها: هل تشفيني إذا مرضت وهل تُحييني إذا مت؟ فأجابه أن هذا ليس في مقدور يده! فقال له: اتركني، مرددًا: ﴿الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ والَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ﴾.
الفكرة من كتاب أسعد امرأة في العالم
كَم تُحبينه؟ مهلًا، فأنا لا أقصد زوجك، أو أباكِ، أو أخاكِ، أو غيرهم من المحارِمِ والأرحام، بل قَصَدت بسؤالي: هل تفكرتِ يومًا وسألتِ نفسكِ كم تُحبين الله -عز وجل- ورسوله ﷺ؟ إنني على ثقة بأن إجابتكِ تنصُّ على محبتكِ لهما أكثر من أمكِ وأبيكِ ونفسكِ، ولكن اعلمي أن مِصداق هذا الحُب هو فِعل كُل ما أمرنا به الله (جل وعلا)، واجتناب كُل ما نهانا عنه، وها نحنُ قد جئناكِ بهذا الكِتاب ليكون لكِ بمنزلة البوصلة التي ستُعيد توجيه عواطِفكِ إلى الله -سبحانه وتعالى- وإلى من أرسله رحمةً للعالمين.
مؤلف كتاب أسعد امرأة في العالم
عائض القرني: هو كاتِبٌ، وداعيةٌ إسلامي سعودي، تخرّج في كُلية أصول الدين من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، ثم حصل على الماجستير في الحديث النبوي، ثم نال درجة الدكتوراه، وبدأ عمله في التدريس للطلاب.
قدّم عديدًا من البرامج التلفزيونية، وله عدد كبير من المؤلفاتِ والكُتُب، ومنها:
لا تحزن.
الإسلام وقضايا العصر.
احفظ الله يحفظك.
سياط القلوب.