ميزان الرجولة
ميزان الرجولة
إن الإعلام المُضلِّل، والثقافة الضحلة أنتجت عقولًا هشَّة فارغة، فقد فسد الذوق وتعطَّلت أجهزة الاستقبال الإيمانية، فصار معيار الرجولة معيار فاسد، فيُروَّج لنماذج تعيش حياتها مدافعة على مبدأ فاسد وعقيدة ظالمة كأمثال: “تشي جيفارا” المُدافع عن الشيوعية، أو غيره من المُدافعين عن الشذوذ، ليُروِّج لهم باعتبارهم أبطالًا يخوضون المعارك، وقد قال النبي (صلى الله عليه وسلَّم): “إنَّه لَيَأْتي الرَّجُلُ العَظِيمُ السَّمِينُ يَومَ القِيامَةِ، لا يَزِنُ عِنْدَ اللهِ جَناحَ بَعُوضَةٍ، اقْرَؤُوا: ﴿فَلا نُقِيمُ لهمْ يَومَ القِيامَةِ وزْنًا﴾”
لكن وزن الرجولة في الإسلام يُقاس بمقدار التحمُّل من أجل المبدأ الحق، والتفاضل يكون بالثبات عليه والوقوف صامدًا حتى النهاية، وقد وصف القرآن حال المؤمنين: ﴿وَلَمَّا رَءَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلۡأَحۡزَابَ قَالُوا۟ هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَصَدَقَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥۚ وَمَا زَادَهُمۡ إِلَّاۤ إِیمَـٰنࣰا وَتَسۡلِیمࣰا مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ رِجَالࣱ صَدَقُوا۟ مَا عَـٰهَدُوا۟ ٱللَّهَ عَلَیۡهِۖ فَمِنۡهُم مَّن قَضَىٰ نَحۡبَهُۥ وَمِنۡهُم مَّن یَنتَظِرُۖ وَمَا بَدَّلُوا۟ تَبۡدِیلࣰا﴾، فالرجولة هنا هي تحمِّل مسؤولية الحق، ولا تأتي تلك الخصال إلا بعد الابتلاءات الشديدة التي تصقل الإنسان، وبهذا يبرز اليقين والصدق.
وقد كان ابن مسعود (رضي الله عنه) دقيق الساقين، فضحك القوم منه، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وسلَّم): “والذي نَفْسي بيَدِه، لهما أثقَلُ في المِيزانِ مِن أُحُدٍ”، فإذا تتبَّعت سيرة ابن مسعود (رضي الله عنه) أدركت لماذا تزن ساقاه كل هذا الوزن؟ فرغم ضعف جسده وقلَّة ماله كان أوَّل من جهر بالقرآن بمكة، مُعلنًا اعتزازه بدين الحق، فيُضرب ويؤذى ويبقى صادحًا بكلام الله تعالى.
الفكرة من كتاب صناعة الرجولة في مدرسة محمد (صلى الله عليه وسلم)
كان من مكائد اليهود في العهد النبوي وجهلهم يقولون: “مُحمَّد خلَّف بناتٍ” محاولين إحباط مصانع الرجولة الإسلامية، إلا أن محاولتهم محاولة بائسة، وذلك لأن النبي (صلى الله عليه وسلَّم) خلف من بعده رجالًا لا يخشون الموت، رجالًا أمامهم إحدى الحُسنيين، رجال يقولون بأعلى أصواتهم: “قوموا، فموتوا على ما مات عليه نبيُّكم” وهم في أشد أزماتهم.
وفي كتابنا يعرض الكاتب نماذج عديدة من السيرة النبوية ومن القرآن الكريم في محاولة لتكوين كيف تكون صناعة الرجولة، وما مفهوم الرجولة في الإسلام؟ وهل يقتصر على الذكور وحدهم دون النساء؟ كل تلك الأسئلة نجد إجاباتها في رحلتنا مع هذا الكتاب.
مؤلف كتاب صناعة الرجولة في مدرسة محمد (صلى الله عليه وسلم)
محمد عبد المعطي محمد: طبيب استشاري، وباحث شرعي، له اهتمام كبير بمجال التربية، وله عدد من المؤلفات، منها:
“بالحب نُربي أبناءنا”.
“علِّم ابنك كيف يسأل ربه وكيف يشكو حزنه إلى الله”.