موت شريك الحياة
موت شريك الحياة
من الأحداث الخطيرة التي يمكن أن تواجهها المرأة في حياتها موت شريك الحياة، فهو كالإعصار يطيح بكل ما هو راسخ على مدى سنوات عند بعض النساء، وقد يكون أشد قسوة من موت الابن فيغدو كل شيء غير مألوف لا معنى له، كل شيء يفقد بريقه، تصبح وحيدة بعد أن ظلت لمدة طويلة مرتبطة بزوجها ومكونين معًا وحدة مترابطة، فلا معنى لفعل أي شيء طالما لم يعد هناك الرفيق الذي يشاركها، وهنا فقط ستسفر الحياة عن معنى الحب والسعادة، وأنه لا قيمة لأي عمل إذا لم يكن هناك من يشاركنا فيها، وكلما كان الحب والألفة ازداد أثر الفقد واستمر لزمن طويل، وقد يستمر مدى الحياة وقد يعقبه الموت الحقيقي للنصف المتبقي.
وإعادة التوازن بعد الفقد قد تستغرق وقتًا طويلًا حتى تستوعب المرأة فقدان لقب زوجة إلى لقب أرملة، فمن الصعب تصور موت الأحبة، والخوف يستولي على الإنسان إذا تصوَّر أن من يحبه قد يموت، هذه فكرة تزلزل وجدان الإنسان وقد تفجِّر لديه كل طاقات الحب، فشبح الموت هو المفجِّر لعواطفنا تجاه الآخرين، والمرأة التي تفقد شريك حياتها تواجه موقفًا جديدًا وصعبًا، وقد يكون من العنف ما يؤثر تأثيرًا خطيرًا في حياتها وحياة الآخرين، وقد تحاول المرأة أن ترتدي وجهًا شجاعًا، ولكن إخفاء العواطف والتماسك الزائف يعرِّضانها بعد ذلك لمضاعفات خطيرة.
في البداية يكون الإحساس بالفقد مصحوبًا بالقلق مع فقدان القدرة على الاستقرار والشعور بوخز الحنين والتقلُّب بين مشاعر الغضب والذنب، وقد تشغل نفسها بمشروعات جديدة أو مشكلات الأبناء ولكن دون جدوى، فالتعبير عن الحزن ضروري لتجاوز الأمر، فتجاوز مثل ذلك الحدث يتوقف على عدة عوامل كطبيعة عواطفها على نحو عام وعلاقتها بزوجها ومعنى الفقد بالنسبة إليها ووجود من يساندها في الأزمة كالأب والأم والإخوة والأبناء، ولكن العامل الأكبر هو نوع الحياة التي تعيشها معه، فالزوج القاسي أو الأناني يكون الشفاء منه أسرع، وربما تقابل خبر موته بنوع من الارتياح، فهذا النوع من الأزواج لا يبالي بالاحتياجات الأساسية للمرأة كالأمان والقبول والاحتياجات العاطفية.
الفكرة من كتاب امرأة في محنة
المرأة كالطفل إما أن تعبر عن نفسها على نحو مباشر، وإما أن تكتم مشاعرها وتظهرُ عليها أعراض أخرى كاضطراب النوم أو الطعام أو اختلال السلوك، ومن تلك المواقف الصعبة التي من الممكن أن تواجهها المرأة فقد الشريك أو الطلاق أو الزواج الثاني، وقد تتعرَّض لصدمات في طفولتها فتؤثر في علاقتها بزوجها وأطفالها.
يحاول الكاتب أن يتناول كل تلك القضايا وأثرها في المرأة، فالطب النفسي لا يناقش السلوك الإنساني من منظور أخلاقي قيمي، كما أنه لا يبحث عن المبررات الاجتماعية ليفسر السلوك ولا يقتصر على التأثير المباشر في مشكلات الإنسان المعاصر، بل ينظر إلى سنوات التكوين الأولى ومؤثرات البيئة في مراحل النمو المختلفة والعامل الوراثي، فيتعامل مع كل إنسان كوحدة مستقلة وكيان خاص وقيمة متفردة.
مؤلف كتاب امرأة في محنة
عادل صادق: طبيب نفسي، ولد عام 1943م بمحافظة القاهرة، وعرف بالتفوق والالتزام وبشخصيته الكاريزمية القيادية، حصل على زمالة الكلية الملكية للأطباء النفسيين بلندن عام 1984م، نال جائزة الدولة في تبسيط العلوم عام 1990م، توفي عام 2004م، من أشهر مؤلفاته: “الألم النفسي والعضوي”، و”سيناريو الحياة” و”حكايات نفسية”.